أعلنـــت «المعارضـــة» أنهـــا أوصلت خلال زيارتها الحالية إلى عدد من دول أوروبا رسالـــة مفادها أن «النظام السياســي فـــي البحرين يرفض الشروع في حوار وطني جاد يخرج البلاد من الأزمة السياسية وأنه يسعى إلى ترويج أخبار مرسلة لا أساس لها من الصحة حول استمرار الحوار الثنائي» واصفة عمل النظام بأنه «حملة علاقات عامة تستنزف موازنة الدولة» ، كما أعلنت أنها دعت أثناء لقاء وفدها الأربعاء الماضي مع مدير مكتب المفوضية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون الانتقال إلى «اتخاذ قرار واضح في مجلس حقوق الإنسان العالمي الذي يعقد اجتماعه في جنيف هذه الأيام يلزم حكومة البحرين باحترام حقوق الإنسان ووقف التعذيب والإفراج عن معتقلي الرأي والضمير، والسماح للمقرر الخاص بالتعذيب والمعاملة الحاطة بالكرامة خوان مانديز بزيارة البحرين للوقوف على دعاوى التعذيب التي تحدث عنها المعتقلون أمام المحاكم، وكذلك السماح للمقرر الخاص بالحريات الدينية والمقرر الخاص باستقلالية القضاء ونزاهته».
باختصار، يستنتج من البيان الذي أصدرته «المعارضة» أن وفدها لم يترك كلمة بذيئة إلا قالها عن الحكم في البحرين وأنه ألصق به كل صفة سيئة حتى ليخيل للمرء بأن من سمعها سيقرر على الفور أن شعب البحرين يعيش في جحيم لا يطاق وأنه لابد من اتخاذ قرار فوري بالتدخل في البحرين لإنقاذ الشعب من براثن الحكم!
المثير في الأمر أن الوفد المذكور يتصرف وكأن هؤلاء الذين قصدهم هم المسؤولون عن البحرين وأنهم هم المعنيون بوضع حد لكل ما يرونه غير صحيح من قرارات وأن هذا يشمل أيضاً حتى تفاصيل التفاصيل بما في ذلك قرار مجلس النواب الخاص بإلغاء مجلس بلدي العاصمة. ترى ما علاقة العالم بتفاصيل الحياة في البحرين؟ وما علاقة آشتون وغيرها بقرار إلغاء المجلس البلدي وتعديل اللوائح الداخلية في مجلس النواب؟
الواضح من البيان المذكور أن «المعارضة» تتخبط ولا تنتبه إلى ضرورة أن تكون اللغة التي تستخدمها مع الخارج مختلفة عن التي تستخدمها في الداخل، وأن الموضوعات التي تهمها في الداخل لا يعني أنها بالضرورة تهم الخارج. لا علاقة للخارج بتفاصيل الحياة في البحرين ولا علاقة له بما يتخذه مجلس النواب من قرارات وما يصدر عن الحكومة من إجراءات. هذا شأن داخلي لا يسمح لأحد بالتدخل فيه، ولا يليق بـ»المعارضة» طرحه في الخارج لأن الخارج يمكن أن يضحك عليها ويعتبرها قاصرة.
ليس هذا التصرف الذي تقوم به «المعارضة» بين فترة وأخرى هو ما سيؤدي إلى حل المشكلة، فلهذا التصرف مفعول عكسي يتمثل في نفور الدولة والمواطنين منها، ذلك أن أي دولة لا تقبل أن يركض أبناؤها إلى الخارج ليشتكوها بينما بابها مفتوح للحوار وعقلها وقلبها مفتوحان للجميع.
النواتج السالبة من زيارة وفد «المعارضة» إلى أوروبا أكثر من الإيجابية التي ربما تظل محصورة في حصول أعضائه على فرصة للاستمتاع بالسفر، فهذه الزيارة لا ينتج عنها ما يعتقد أنه يمكن أن يعزز من موقف «المعارضة» ويكسبها نقاطاً. لا جدوى من بث الشكوى في الخارج ولا جدوى من التباكي لا في حضن آشتون ولا في حضن غيرها. الحل يتوفر في الداخل وهو لا يحتاج إلا إلى التعامل مع الأمور بواقعية وإغلاق صندوق الأحلام والتوقف عن رفع شعارات لا قيمة لها.
إن قراراً بوقف التجاوزات على الحياة التي تحدث يومياً في الشوارع وتتسبب في أذى المواطنين والمقيمين وتعرضهم للخطر من شأنه أن يفتح باباً يفضي إلى خير كثير، ذلك أنه لا يمكن التوصل إلى أي مفيد من أي حوار والشوارع تختطف والمسيرات التي تنتهي بمواجهات مع رجال الأمن لا تتوقف. حتى اسألوا آشتون!