أخبرني أحدهم أنه حدث قبل الانسحاب من المجلس النيابي أن زاره أعضاء من إدارة الوفاق ونوابها في منزله وقدموا له درعاً تكريماً له وتقديراً على نشاطه الاجتماعي والديني في شهر رمضان، وقال إنه قال لهم حينها ما معناه إنه سيقدم للوفاق ما تشاء من دروع لو أنها قامت بالدور المتوقع منها لخدمة الناس عبر المجلسين النيابي والبلدي! منتقداً بذلك اهتمام هذه الجمعية بالشكليات وبالجانب الإعلامي وتقديمهما على الجوانب الأخرى التي هي دورها الأساس. مضيفاً أنه بدا له أن الهدف من الزيارة وتقديم الدرع هو الظفر بصورة للمتاجرة بها إعلامياً.
بالتأكيد لم يخطئ الرجل في تحليله، والممارسة نفسها لا تزال هذه الجمعية -التي بدأت تشعر أن الخيوط تفلت منها- تمارسها وتفضلها على غيرها من الممارسات، ذلك أنه لا يمر يوم إلا وتتحدث فيه الصور التي يتم نشرها عبر مختلف وسائل الإعلام والاتصال عن قيام «سين» أو «شين» من الوفاق بزيارة فلان أو علان لإبداء التعاطف معه ودعمه معنوياً عبر تقديم باقة ورد أو درع أو.. كلام.
من الآخر، على حد تعبير إخواننا في مصر، الوفاق تعلم جيداً أنها لم تعد «تطرب» الجمهور «الثوري»، وأن ما يسمى بائتلاف فبراير سحب البساط من تحتها، وأنها صارت تسير حافية، وأنها بدأت تشعر بأنها «تخون» ذلك الجمهور، خصوصاً بعدما ألمحت أنها ترغب في المشاركة في الانتخابات والعودة إلى طاولة الحوار قبل أن تتدارك بمناورة مكشوفة فتضع «شروطاً» لتلك العودة، وتركض إلى الخارج للتغطية على ضعفها.
هذه الحال التي صارت فيها الوفاق -ومعها بالطبع الجمعيات السياسية التي صارت في جيبها- دفعها إلى اعتماد أسلوب الزيارات والمجاملات والاهتمام بالصورة في كل تحركاتها هذه. هي تريد أن توصل رسالة إلى جمهورها مفادها «أننا منكم ومعكم ولن نتخلى عنكم وأن كل ما تسمعونه أو قد تسمعونه عنا وعن تخاذلنا ينبغي ألا تصدقوه»!
الوفاق لم تنتبه إلى أنها بهذا الأسلوب تؤكد ضعفها وانخفاض قيمتها، ولم تنتبه إلى أن جمهورها صار يعرف خططها وطرقها في «الطلمسة» على عيون البسطاء، ولم تنتبه إلى أنها بهذا الأسلوب تشبه الزوج الذي يعتقد أنه بكثرة الهدايا التي يغدقها على زوجته لن تعرف أنه قد خانها!
هدايا الوفاق وزياراتها إلى الذين تسببت عليهم وصاروا من ضحاياها ليست إلا محاولة للاغتسال من الذنب الذي ارتكبته ويؤرقها، فهي تعرف تماماً أنها لا قيمة لها.
الأسر التي فقدت أبناءها أو تم إيداعهم في السجن بسبب الوفاق وسوء تقديرها للأمور لا تفرحها الزيارة ولا تفرحها باقة الورد أو الدرع «بو دينارين»، فكل هذا لا يعوضها عن فلذات أكبادها، كما إنها تعرف جيداً أن هذه الزيارات هي لالتقاط الصور التي يستفاد منها في تحسين صورة الوفاق ليس إلا.
في السياق نفسه، لا قيمة للبيانات التي تصدرها الوفاق وغيرها من الجمعيات السياسية عن الطلاب الذين انتقلوا بسببهم من مقاعد الدراسة إلى السجون، فهذه البيانات لا تنفع إلا الجمعيات نفسها، ذلك أن كل ما تريد توصيله إلى العالم هو أنها لم تسكت ولم تنس وأنها «كلفت على نفسها» فأصدرت البيانات المطالبة بتوفير الظروف المناسبة لأداء الامتحانات في السجون!
الوفاق ومن صار في جيبها تترك سبب وجود هؤلاء الطلبة حيث هم الآن وتترك سبب ما جرى ويجري على المواطنين المتضررين من أفعالها وتحاول أن ترقع ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً عبر إصدار البيانات والزيارات إلى منازل ضحاياها، وعبر تقديم الدروع وباقات الورد التي يمكن أن تحصل عليها من الناس لو أنها قامت بدورها المفترض تجاههم.