هل لفتت انتباهكم «جملة» عادة ما ترد في الأخبار الرسمية لعديد من القطاعات، وحتى السلطة التشريعية بشقيها الشورى والنواب باتا يستخدمانها في كثير من أخبارهما، وأعني بها جملة معنية بسفرات وزيارات وفود رسمية أو تشريعية، لمسؤولين كبار كالوزراء والوكلاء وغيرهم.
الجملة هي تلك التي يقال بموجبها في الخبر إن الزيارة لهذه البلد أو تلك تأتي بهدف الاطلاع على تجارب الدول الأخرى، أو تلك المؤسسة فيها أو الوزارة أو الهيئة.. إلخ، وطبعاً المقطع الثاني من الجملة مهم أيضاً والذي يرد فيه التالي: وذلك للاستفادة من تجربة تلك الدول لتطوير تجاربنا في البحرين.
لربما الآن تذكرتم الجملة والتي مراراً وتكراراً مرت على كثيرين في نشرات الأخبار أو البيانات الصحافية التي تنشر في الجرائد مرور الكرام، جملة قد لا تكون قد حظيت بأهمية كبيرة من قبل الناس إلا أن مدلولاتها خطيرة.
تريدون أن تصابوا بالذهول؟!
فقط احسبوا عدد السفرات والزيارات ومهمات العمل التي قامت بها قطاعات الدولة وأضيفوا عليها «صوتكم» يا ناس، وأعني طبعاً النواب، واحسبوا كم مرة ذكرت الجملة الشهيرة «للاطلاع على التجربة والاستفادة منها»، وبعدها ارصدوا نتيجة سفرات الشتاء والصيف وما الذي غيرت في واقع البلد وواقع مؤسساته وقطاعاته؟! وهل بالفعل اطلعنا على تجربتهم (عوضاً عن سياحتهم)؟! وهل بالفعل استفدنا من تجربتهم (بدلاً من الاستفادة من..)؟!
لن ندخل في النوايا، لكن نقول بأنك حينما توضح في أخبارك عن الزيارات (وطبعاً الكلام موجه لكثير من المسؤولين) بأنها للاطلاع على التجارب والاستفادة منها فإن عليك أن تعرض النتائج وما أثرت فيه إيجاباً وماذا غيرت، وإن فشلت في إثبات وجود التغيير، فاسمح لنا يا وزير أو وكيل أو غيره فإن السفرة والزيارة هي سياحة لا أكثر، هي تغيير جو شخصي بلا نتيجة.
وهنا مسألة أخرى ذات ارتباط، ونعني اتفاقيات التعاون التي توقع وتوضع صور التوقيع والأخبار في الصحف وغيرها، ثم تمر السنوات لنكتشف أن أغلبية هذه الاتفاقيات ومذكرات التفاهم لم تفعل على الإطلاق! بالتالي نسأل: فعلى ماذا توقعون يا جماعة؟!
هذه الأمور لا تمثل قشوراً أو مواضيع هامشية، بل على العكس هي بمثابة إثبات جدية وكفاءة وحرص لدى المسؤول وموظفيه، فالحريص والذي يريد التغيير للأفضل والإصلاح لا يمكن أن يقبل التهاون في هكذا أمور، لا يقبل أن يتحول تمثيل رسمي في زيارة عمل إلى «كشتة ووناسة» فقط بينما المغزى من الفعل لم يتحقق.
وأخيراً نقول: من يريد الاطلاع على تجارب الآخرين ويستفيد منها عليه أقلها أن يطبق بعضاً مما استفاده منها! ومن يهمه التوقيع على اتفاقيات، أقلها يفعلها ولا يتركها هكذا حتى يعفي عليها الزمن.
نطلع لنتعلم من نجاح الغير أو لتفادي الأخطاء، ونستفيد حينما نؤمن بضرورة تغيير الواقع، ونوقع حتى نبني على العلاقات مكاسب مشتركة، فهل هذا ما نفعله؟!