على الصفحة الأولى اضطرت صحيفة الوسط أمس نشر تكذيب صادر من مجموعة فنادق «كمبنسكي» لخبر الوسط السابق الذي نشرته بشماتة لا يفعلها عدو تنفي فيه نيتها مغادرة البحرين.
وقد حاولت الوسط الإيحاء للقارئ أن البحرين خاسرة فاشلة تهجرها رؤوس الأموال والاستثمارات، في عملية ابتزاز قذرة لخلق ضغط يدفع صانع القرار للرضوخ لإرهاب جماعتها، دون النظر إلى تبعات مثل هذه الفبركات على الوطن واقتصاده.
للعلم وهذا درس في الوطنية تحتاجه هذه الجماعة، حين تعرضت دبي لأزمة مالية امتنعت الصحف الإماراتية من تلقاء ذاتها عن نشر أية أخبار تعطي انطباعاً عن حجم الكارثة التي تعرضت لها دبي، بل إن أصحاب العقارات الكبيرة التي كانت خالية في تلك الفترة أضاؤوا المصابيح ووضعوا سيارات عند واجهات المباني، وبعض العقارات أخفت السيارات المهجورة من أصحابها خلف العقارات، المقصد أن وطنيتهم وحدها دفعتهم بتلقائية أن يحموا صورة وطنهم ولا يجاهروا بأي صورة سلبية، وعالجوا أوضاعهم بهدوء، ومنهم الغريب وليس الإماراتي وخرجت دبي من الأزمة بأقوى مما كانت.
ولكن لأن المشروع الذي تتبناه هذه الصحيفة هو مشروع جماعة لا مشروع وطن، فلا تهم سمعة الوطن الاقتصادية، ولأن الخبر ممكن أن يكون أداة ابتزاز فلينشر على الصفحة الأولى، ولأن الإضرار بالوطن ليس له عواقب قانونية فلنكذب وليكن ما يكون، وها هي مجموعة الفنادق تكذب الخبر وتجبر الصحيفة على نشر التكذيب في الصفحة الأولى وتعلن أنها ستستثمر أكثر في البحرين وأن البحرين أحد الأوجه الجاذبة للاستثمار وأن ما قيل في الصحيفة كذب وافتراء وغير صحيح، وتستمر الصحيفة بالصدور ويستمر التجاهل المتعمد لجرائم الذراع الإعلامي لجماعة المرشد الإيراني دون رادع.
قد تجد الصحيفة ألف عذر تدعيه لتبرير فعلها القميء، قد لا يصدر أي رد فعل رسمي تجاه الصحيفة، لكن شعب البحرين وحده من يعي حقد هذه الجماعة الأعمى الذي أفقد هذه الصحيفة مهنيتها، دون اعتبار إلى انعكاس مثل هذه الأخبار على الوضع المالي والاقتصادي على «وطن» مختزل في جماعتهم.
وتستمر عملية غسيل الإرهاب والأفكار، فعلى صفحة صحيفتهم أمس أيضاً كانت عبارة «ذات مغزى» الشهيرة هي العنوان الذي احتفت به الصحيفة، ولو قدر لهم أن يمدوه إلى خارج الصفحة لمدوه، حتى تكبر عبارة «ذات مغزى» أكبر مما كبروها أمس، وهي عبارة جاءت في سياق بيان نائب الرئيس الأمريكي الداعم للإصلاحات في البحرين، لكن «ذات مغزى» لها مغزى عند الجماعة، فذات مغزى تعني أن الأمريكان غير راضين عن مستوى الإصلاحات الحالية، وذات مغزى تبقى «الأمل» الذي يضحكون به على أتباعهم، «ذات مغزى» تكبر وتوضع على صدر الصفحة، فهي الحبل الذي بقي لهم كي يتعلقوا به ويعلقوا معهم أتباعهم في محاولة لإقناعهم بإبقاء دكان الابتزاز مفتوحاً وعدم غلقه يأساً من تدخل أمريكي هنا أو هناك، جرعة أوكسجين، يقنعون به أتباعهم بأن أمريكا مازالت تضغط على البحرين بعبارة «ذات مغزى» وأن هذه العبارة مخيفة ومرعبة و تهز أركان الحكم وتجعل الشعب البحريني ترتعد فرائصه من تبعات عدم القيام بإصلاحات «ذات مغزى»!
وهكذا تحفل الصحيفة يومياً بمقالات وأخبار وتعليقات وتقارير توجه رسائل التخدير وبيع الوهم لأتباعها وترسل رسائل التهديد والابتزاز، وحثهم على عدم غلق الدكان وعدم مغادرة السوق فالبيع ممكن في آخر لحظة، انتظروا إن الأمريكان لن يتخلوا عنا والسفير بريء والوثيقة كذب ولن تذهب تحالفاتنا معهم هباء منثوراً، انتظروا لن تتنكر الولايات المتحدة الأمريكية لوعودها لنا، انتظروا فعبارة «ذات مغزى» سلاح للدمار الشامل مخيف سيحقق المراد، انتظروا فأنا أجيد التحدث باللغة الإنجليزية وأستطيع أن أصل لمواقع صنع القرار والتأثير عليهم فهذا هو مفتاحهم، صدقوني إنهم يصدقون كل من يتحدث باللغة الإنجليزية وعندهم «اعتقاد» به كاعتقاد الهندوس بالبقر.. أعطوني فرصة لا تتركوني وحدي.. وهكذا تستمر الصحيفة بحث أتباعها على نفي وإنكار وعدم الإقرار بأي أخطاء قاموا بها، والادعاء بأن كل التهم الموجهة لهم كذب وافتراء فليس منهم من أخطأ فأفعالهم منذ 2011 حلال وبريئة لكن جزى الله المنقبين والملتحين والداعشين هم من شهدوا زوراً عليهم.
وهكذا يتوحد هذا الخطاب في خطبة الجمعة لنائب الرئيس الإيراني، وفي حساب جمعية الوفاق على وسائل التواصل الاجتماعي وصحيفة الوسط، ناقلاً هذا الخطاب الفكر العقيم الذي تعاني منه جماعة المرشد الأعلى الإيراني وأذرعها الدينية والسياسية والإعلامية، فكر يفتقد إلى جينات نقد الذات، فكر يعيش في فقاعة عالم افتراضي، في توهان وضياع استمر ثلاثين عاماً يتوهمون وجود جبل يؤويهم.. ولا ندري متى سيؤوون إلى السفينة الوطنية، وينهون عزلتهم ويمزقون الفقاعة التي صنعها إعلامهم، ولا ندري لم لا تحسم البحرين أمرها من جماعة تنخر يومياً في حرب استنزاف بلا هوادة في عظام الدولة السياسية والاقتصادية ولن تهدأ حتى تسقط الدولة.