لابد أن نرد على كل تصريح وتقرير يصدر من المنظمات الأجنبية حول الشأن السياسي البحريني، حيث نرى أن هذه التقارير تدخل سافر في سيادة الدولة وقصر ليدها عن إدارة شؤونها، وهو أمر محتوم عندما قابلت الدولة هذه المنظمات برحابة وبشاشة وفتحت لهم أبواب البحرين ووفرت لهم الغطاء الرسمي الذي يتيح لهم مقابلة الجمعيات الانقلابية دون أن يضطر أعضاؤها لركوب طائرة ولا باخرة لمقابلة هذه المنظمات وحكوماتهم.
اليوم يطلع علينا باحث من منظمة «هيومن رايتس ووتش» ويقول «البحرين أصبحت ذائعة الصيت في مجال التعذيب والانتهاكات»، الشيء الذي يثبت أن هذه المنظمة ليست من الكفاءة والجدارة أن تحمل لقب «هيومن رايتس» عندما يسلط موظفو هذه المنظمات عيونهم على البحرين ويعدوا تقاريرهم بناء على تقارير وأقوال جمعيات سياسية تتبع إيران وتسعى لانتزاع الحكم من الدولة، هذه المنظمات التي تتجاهل هرس الشعب السوري بالمدرعات وقتلهم بالمتفجرات وتهجيرهم وإبادتهم، ثم تأتي وتقول إن «البحرين أصبحت ذائعة الصيت في مجال التعذيب والانتهاكات».
نقول لنيوكولاس جيهان، الباحث المختص في شؤون الشرق الأوسط في هذه المنظمة؛ هل شاهدت جثة هرستها مدرعات الجيش البحريني؟ هل شاهدت صورة لطفل بحريني سقطت أحشاؤه من بطنه على الأرض؟ هل شاهدت امرأة جرت من شعرها أو تمت تعريتها؟ كما يتم تعريتها في سجون العراق، وسجن أبو غريب شاهد، فهو ليس من الزمن الحجري؛ بل في عصرك هذا، حيث لم يذكر تقرير من تقاريرك أن «أمريكا أصبحت ذائعة الصيت في مجال التعذيب والانتهاكات»، كما لم تذكر إيران التي تسحب بياض العيون من معارضين بمجرد انتقادهم سياستها.
هل تفرغت منظمتك اليوم لما يحدث في سوريا التي لن تكفي بأن يكون لديكم باحث مختص بل مليون باحث كي يوثقوا تعذيب مئات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال في سوريا، والذين عذبوا حتى الموت في سجون بشار، هل عددتم كم قتل من المعتقلين العراقيين منذ 2003؟ أم أن منظمتكم أنيطت إليها مهمة سياسية لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد. والذي لن يكون إلا بسقوط البحرين في يد من سيؤمنون لأمريكا وإيران الطريق إلى السعودية لتفتيتها وتفريقها دويلات، ومنها إلى باقي دول الخليج والتي سيأتي دورها مباشرة بعد أن تصبح البحرين مستعمرة إيرانية.
ولكن هنا لا نلوم هذه المنظمة، بل نلوم الجهات الرسمية التي لا ترد على هذه التقارير، كما تفعل الدول الأخرى حين تتعرض هذه المنظمات لسياستها الداخلية، ومنها على سبيل المثال بريطانيا، ومقولة رئيس وزرائها المشهورة «عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي لا أحد يحدثني عن حقوق الإنسان».
إذاً لا نيكولاس ولا غيره يستطيع أن يصدر تقريراً ولو بلغة مؤدبة عن بريطانيا، فكيف تتصورون لو قام نيكولاس بإصدار تقرير عن بريطانيا بنفس لهجة تقريره أو تصريحه عن البحرين؟ هل تعتقدون أن بريطانيا ستسارع إلى استدعائه وتحجز له في أفخر الفنادق وتستقبله الجهات الرسمية من وزراء وكبار المسؤولين، وذلك كما فعلت البحرين مع بعض المنظمات؟ أم سيذهب المسؤولون البريطانيون إلى مجلس حقوق الإنسان بجنيف للدفاع عن موقفهم والرد على اتهامات جهات معادية للحكومة البريطانية.
نرى أن هذه المنظمات بدأت بالتطاول بتقاريرها على الدولة إلى درجة التهديد، وكله من أجل زيارة خوان منديز، الذي سيخرج بالتأكيد بتقارير مبنية على أقوال وتقارير، كما فعل فنيش، الذي قضى أياماً وليالي في ضيافة الجمعيات التي تطالب بإسقاط النظام واستبداله بنظام موالٍ لطهران، إنهم بالفعل يطمعون في ذلك، لأنه عندما تأتي هذه المنظمات لا تستمع ولا توثق إلا تقارير الوفاق، كما حصل مع زيارة وفد الأطباء الأيرلندي في يوليو 2011، حيث اعتدت زوجة رئيس تحرير صحيفة على طبيبتين أثناء المؤتمر الإعلامي دون أن يوثق الوفد هذه الحادثة، كما رفض أيضاً تصديق جرائم الأطباء الذين قاموا باحتلال السلمانية وتعمدوا إحداث إصابات إضافية وبالتسبب في وفاة بعضهم، أي أن جميع هذه المنظمات والوفود الأجنبية التي زارت البحرين بعد المؤامرة الانقلابية، ومازالت حتى اليوم تزورها، جميعها تعمل لصالح أمريكا وإيران، الذين يبحثون عن ذريعة يحتلون بها البحرين، وما تصريح نيكولاس إلا ذريعة جديدة حين يخرج منديز بتقرير لا يختلف عن التقرير الذي احتلت منه العراق.
إذاً لا بد للدولة أن ترد على هذه المنظمات كما رد رئيس الوزراء البريطاني الذي قطع صلته بمنظمات حقوق الإنسان قبل أن تبدأ بحرف واحد عندما خاف على بلاده، لأنه يعلم أن أي جهة تهدد الأمن القومي يجب بترها بالحال، إلا البحرين التي مازالت تستقبل وفود هذه المنظمات أحسن استقبال لتكتب عنها أسوأ التقارير.