راسيل ديكسون، القائم بأعمال السفير البريطاني في المملكة، صرح السبت الماضي بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، وبالنيابة عن السفير إيان لينزي ومنسوبي السفارة، قائلاً: «أتمنى أن يستغل قادة البحرين شهر رمضان الفضيل للاستمرار في عملية الحوار، بناء الثقة بين جميع شرائح المجتمع، تشجيع المصالحة، وإدانة العنف ودعم السلام». هذا القول إما أنه ملغوم أو أن صاحبه تنقصه المعلومة وغير متابع لتطورات الأحداث في البحرين.
أما الاحتمال الثاني فضعيف؛ لأنه من غير المعقول أن يصدر بيان ناقص المعلومة بالنيابة عن السفير، كما إن من غير المنطقي أن يكون القائم بأعمال السفير غير متابع لتطورات الأحداث هنا. هذا يعني أن التصريح ملغوم!
استخدام صفة «قادة البحرين» يفهم منه على الفور جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد، فهؤلاء هم قادة البحرين، وتليهم الحكومة، لكن كيف يمكن للقائم بأعمال السفير أن يدعو قادة البحرين إلى إدانة العنف وهم يدينونه بكرة وعشياً؟ وكيف له أن يدعوهم إلى الاستمرار في عملية الحوار وهم يدعون «المعارضة» يومياً إلى العودة إلى طاولة الحوار؟ وكيف له أن يدعوهم إلى بناء الثقة بين جميع شرائح المجتمع، وكل ما يقومون به منذ اندلاع الأحداث هو هذا؟ وكيف له أن يدعو قادة البحرين إلى تشجيع المصالحة وهم يقومون بهذا الفعل ليل نهار وفي كل مناسبة؟ وكيف له أن يدعوهم إلى دعم السلام وكل فعلهم يصب في هذا الاتجاه؟
هذا يعني أن القائم بأعمال السفير حرص على إطلاق صفة «قادة البحرين» على الجميع، القادة الثلاثة والحكومة، وقادة «المعارضة»، وهذا أمر غير مقبول بالمرة، فالذين يديرون «المعارضة» ليسوا قادة البحرين وليسوا من قادة البحرين.
الأشخاص الذين يشغلون بال المسؤولين بالسفارة البريطانية مسؤولون في جمعياتهم السياسية ويطلق على بعضهم هنا تجاوزا قادة «المعارضة»، لكنهم ليسوا من قادة البحرين. قادة البحرين هم الذين تمت الإشارة إليهم في الفقرة السابقة، ولا يمكن لشعب البحرين أن يرضى عنهم بديلاً.
إن ما قام ويقوم به أولئك الشاغلون عقل ووجدان السفارة البريطانية لا يعدو محاولة غير ناضجة للاستيلاء على السلطة تؤكد غياب القياديين الذين يمكنهم أن يقوموا بمثل هذه المحاولة وإلا لما فشلت محاولتهم سريعاً أو لحققت على الأقل ما يمكن أن يبنى عليه ويسهل على من يريد أن يصفهم بقادة البحرين أن يفعل من دون أن يرد عليه!
كلما طالب القائم بأعمال السفير البريطاني به «قادة البحرين» يقوم به قادتها الحقيقيون، وبالتالي فلا قيمة لهذه المطالبة وإن جاءت في صيغة التمني وفي مناسبة شهر رمضان المبارك.
قادة البحرين الحقيقيون يعملون منذ تنفيذ تلك القفزة المجنونة في الهواء في فبراير 2011 على رأب الصدع بجمع ذوي العلاقة إلى طاولة الحوار، ويعملون على بناء الثقة بين الجميع ويدعون للمصالحة ويدينون العنف ويدعمون كل مبادرة تحتوي على أي نسبة من التفاؤل، ولايزالون يفعلون كل ما قد يرضي جميع الأطراف ويحافظ على البلد ومستقبله.
أما الجزء الأخير من التصريح والذي ذكر فيه أن هذا هو العام الثالث الذي يشهد فيه رمضان في البحرين وأنه يتطلع إلى زيارة المجالس الرمضانية ووصفه رمضان بأنه وقت للتأمل والتسامح والغفران والإحسان إلى الآخرين، فلا قيمة له ولا علاقة له بصدر التصريح إلا إذا كان يرمي إلى القول إن على «المعارضة» أن تحسن إلى الدولة وتسامحها وتغفر لها بمناسبة حلول شهر رمضان!
لعل من الطبيعي أن يرتبك القائم بأعمال السفير البريطاني، فتلغيم الكلام بهذا الشكل الفاضح ليس عملية هينة.