في اليومين الماضيين دعت منظمة العفو الدولية حكومة البحرين إلى «عدم استغلال تفجير الاثنين للتضييق على الحريات»، وفي نفس اليوم دعا رجل دين في كلمة له ألقاها في أحد المساجد إلى الأمر نفسه بقوله «لا يجوز للسلطة توظيف حادث الديه لضرب الحراك السلمي».
الدعوتان تنتصران للحريات؛ وهذا أمر طيب وجميل ومطلوب، ولكنهما يحتاجان إلى مناقشة وتمحيص، ذلك أن فيهما من المعلومات ما تنقصه الدقة ويجعلهما تدنوان من حاجز الخطأ!
أما دعوة منظمة العفو الدولية للحكومة لعدم التضييق على الحريات فينبغي قبولها ولكن بعد تحديد نوعية التضييق ونوعية الحريات، فلا تضييق على الحريات العامة في هذه البلاد المعروفة بأنها بلد الحريات، حيث الحياة في البحرين تسير بشكل طبيعي والجميع يمارس حرياته التي يؤكدها الدستور وينظمها القانون، وبالتالي فإن اتهام البحرين بالتضييق على الحريات اتهام غير صحيح وكلام غير مناسب لأنه بعيد عن الواقع وعن الحقيقة، خصوصاً أن هذه الأمور لا يمكن إخفاؤها.
التضييق يتم فقط على أولئك الذين يستغلون الحريات والقوانين والتشريعات ليخدموا بها توجهاتهم الضارة بالبلاد وبالعباد. هذا النوع من التضييق صار اليوم مطلوباً، بل صار الناس في البحرين، مواطنون ومقيمون، يطالبون الدولة بهذا التضييق وبالاستمرار في هذا النهج لأنه يشعرهم بالأمان ويؤكد لهم أن الدولة تمارس دورها في حمايتهم وأنها تقوم بواجبها تجاههم. التضييق على مثيري الشغب والمخربين والإرهابيين لا يمكن أن يحسب على أنه تضييق على الحريات، ففي هذا مصلحة عامة وحماية للمواطنين والمقيمين من الشرور والأذى.
التضييق على المريدين السوء بالبحرين أمر مطلوب اليوم، بل مطلوب جداً، من دونه لا يشعر الناس بالأمان ولا يتحقق الأمن، أما القول بأن الحكومة تتسبب بنقاط السيطرة والأمن التي تقيمها في بعض الشوارع في تعطيل حياة المواطنين والمقيمين، فالرد عليه هو أن هذا لا يساوي جزءًا من التعطيل الذي تسبب ولايزال يتسبب فيه أولئك الذين استمرؤوا اختطاف الشوارع وإشعال النيران في إطارات السيارات، والفارق هنا واضح وضوح الشمس؛ المخربون يرهبون بعملهم هذا الناس، والحكومة تشعرهم بعملها هذا بالأمان. إن لسان حال المواطنين الذين نالوا الكثير من الأذى بسبب تلك الممارسات الغريبة على البحرين وأهلها، لسان حالهم يقول إنه لا بأس لو تعطلت ساعة في الطريق بسبب التدقيق الأمني لأنني سأربح الأمان الذي سعى أولئك لسلبه مني (لفتتني تغريدة ملخصها أن الحكومة تعطل مصالح الناس بسبب نقاط السيطرة والأمن وأن هذا أمر «غير جائز»، فتساءلت عما إذا كان جائزاً ومقبولاً تعريض الناس للخطر وإرهابهم بعمليات اختطاف الشوارع وإشعال النيران في إطارات السيارات ونشر الفوضى)!
من هنا، فإن هذا الإجراء صار مطلوباً من الناس وتشكر عليه وزارة الداخلية. لا بأس أن نتعطل قليلاً طالما أننا سنظفر بالأمن والأمان الذي اختطفه أولئك الذين يبدو أنهم لا يزالون دون القدرة على إدراك ما يقومون به.
أما قول رجل الدين بأنه «لا يجوز» للسلطة توظيـــف حــادث الديـــه لضـــرب «الحـــراك السلمي» فالرد عليه يكون بلفت انتباهه إلى أن الحراك ليس سلمياً وإنما يريد أهله أن يلبسوه ثوب السلمية ليضحكوا به على الناس، ذلك أن كل الممارسات التي تتصدى لها الدولة الآن تتصدى لها لأنها غير سلمية، بدءاً من اختطاف الشوارع ومروراً برمي رجال الأمن بالحجارة ورميهم ورمي مراكز الشرطة بزجاجات المولوتوف وزرع القنابل وتفجيرها. فالحراك إذاً ليس سلمياً وبالتالي فإنه «يجوز» للسلطة أن تستغل كل ظرف يعينها على وضع حد لهذا الذي يحدث وتسبب في إحداث شرخ عميق في هذا المجتمع.