الحملة التي يقوم بها الإعلام الصفوي في البحرين ضد تواجد أفراد من الأمن الأردني في البحرين، هي حملة مقصودة لمشاغلة الدول العربية ومقايضتها عما تعتزم به إيران من إنشاء وحدات لقوات الباسيج في الأردن ومصر، وهو ما أعلنه قائد قوات التعبئة «الباسيج» في إيران الجنرال محمد رضا نقدي، وذلك على إثر تجربة تشكيل هذه القوات في فلسطين ولبنان.
إذاً الحملة الإعلامية تصيب هدفين؛ الأول منهما كي يثبت من خلالها أكذوبة أن البحرين تستعين بقوات عربية لـ«قمع الشعب البحريني» وتأكيد ما تردده وسائل الإعلام الوفاقية الصفوية، وهو مما قد يدفع بالمجتمع الدولي المتمثل في أمريكا والاتحاد الأوروبي بالتدخل العسكري، استجابة لمطالبة الوفاق التي تدعو المجتمع الدولي لإجراء حازم ضد البحرين، والهدف الثاني، كما ذكرنا، هو الضغط على الدولة الأردنية بتأجيج بعض الأحزاب الموالية في طهران ضدها، وها نحن نسمع اليوم على لسان من يسمى ناشطاُ أردنياً، حيث يقول إن «الأحزاب في الأردن تقوم بدورها برفض ممارسات قوات الدرك في البحرين»، وذلك خلال مشاركته في برنامج البحرين اليوم الذي بثته قناة اللؤلؤة.
لكن عندما يأتي الحديث عن عزم إيران إنشاء قوات للباسيج في مصر والأردن، هنا تصمت جميع هذه الأصوات، وذلك بعدما استطاعت إيران أن تؤسس هذه القوات في فلسطين ولبنان دون ضجة إعلامية أو إعلانات في الصحف العربية والخليجية، هذه القوات تم إنشاؤها بزعم تطويق إسرائيل، كما تدعي إيران أن تزايد مكونات الهيمنة الإيرانية في المنطقة يتزامن وانحسار الهيمنة الأمريكية فيها منذ قيام الثورة الإيرانية في 1979، وذلك نقلاً عن وكالة الأنباء الطلابية الإيرانية في 15 يناير 2014.
هنا نرى الفرق بين تواجد أشقاء كأفراد الأمن الأردني، ضمن اتفاقات أمنية بين البحرين والأردن، وخاصة أن التعاون الأمني والعسكري ليس وليد اليوم أو الأمس، إنما لعقود طويلة ربطت البحرين والأردن أواصر التعاون العسكري من أجل خير الأمة، في الوقت الذي تقوم إيران بإنشاء قوات وميليشيات لا تختلف عن قواتها وميليشياتها التي تذبح الشعب السوري والعراقي، هذه القوات قامت بتأسيسها بكل سهولة ليس في لبنان الذي يسيطر عليه حزب الله فحسب، ولكن في دولة فلسطين التي تدعم دول الخليج حكومتها بالمليارات، في الوقت التي يقوم فيه فلسطينيون بالسماح لمثل هذه القوات المجرمة لتكون لها قواعد في عقر دار بيت المقدس الذي تدافع عنه حماس، ثم تأتي بميليشيات صفوية تهدد باحتلال مكة والمدينة وتفتح لهم قواعد عسكرية كي تغتال بعدها أهالي فلسطين.
لم يتوقف زحف قوات الباسيج عند لبنان وفلسطين، بل ها هي إيران تعلن عزمها إنشاء قواعد عسكرية لميليشياتها في مصر والأردن، الأمر الذي يتطلب منها تأسيس المناخ الشعبي المناسب في هاتين الدولتين، حيث استطاعت من خلال أحزاب موالية لها أن تهيئ هذا المناخ، وذلك حين تستطيع هذه الأحزاب وبالمال الإيراني شراء النفوس الضعيفة في هذه الدول، لذلك نرى اليوم الحملة الصفوية التي تشن ضد البحرين، هي حملة متعددة الأهداف؛ منها توثيق مزاعم المعارضة الصفوية في البحرين، كما تخدم المجتمع الدولي المتعاون مع إيران في تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد الذي يتطلب تواجد قوات إيرانية في ما تبقى من الدول العربية، وهما مصر والأردن، وحينها يمكن لإيران التحرك نحو دول الخليج بسفنها وطائراتها وجنودها عندما تقطع الإمدادات العسكرية بين دول الخليج والدول العربية التي مازالت تحتفظ بمؤسسات عسكرية قوية.
كما نقول إن هذه البيانات التي نشرت عن أفراد الأمن الأردني ليست أول معلومات سرية تنشر ولن تكون آخرها، ونذكركم عندما قام محلل نظام حاسب آلي أول في إحدى الهيئات بنشر أسماء تخص جهاز الأمن الوطني وقوة دفاع البحرين وأسماء نواب في المواقع الإلكترونية عام 2006، وهو ليس التسريب الأول؛ بل تلته تسريبات عن أسماء وعناوين بعض منتسبي الداخلية والجيش عام 2011، غير التسريبات السرية التي تبعث من قبل الميليشيات الصفوية المتغلغلة في أجهزة ومؤسسات الدولة إلى إيران.
بالمختصر المفيد إن القضية اليوم أكبر من حملة إعلامية، بل هي قضية إنشاء قوات وميليشيات الباسيج الإيرانية في مصر والأردن، حيث على الدول الخليجية أن تتحرك قبل فوات الأوان، كما يجب أخذ الحيطة والحذر من تواجد قوات الباسيج في بعض الدول العربية بعد تجنيد أبنائها، وما أدراكم قد يكونون اليوم متواجدين بصفة موظفين وعمال في دول الخليج، فالحرس الثوري الإيراني المتواجد في الخليج لن يكون بالضرورة إيرانياً.