تستمر المنتخبات العريقة أمام مسؤوليتها التاريخية بالمحافظة على الكأس العالمية في وجه الطامحين الجدد لتغير دفة القوى الكروية من براثن المنتخبات الكلاسيكية المحتكرة لكأس البطولة منذ الأيام الخوالي.. ففي البطولة الماضية اقتحم المنتخب الإسباني نادي الكبار من بابه الواسع بعد أداء خرافي أرهب به جميع المنتخبات العالمية، وكان ذلك قبل أربع سنوات - وإن كان قد مهد لذلك بالفوز بكأس الأمم الأوروبية قبل ذلك بعامين.
المنتخب «البرازيلي، الأرجنتيني، ألمانيا، فرنسا» أربعة منتخبات كلاسيكية في مواجهة أربعة منتخبات طامحة «هولندا، كولمبيا، بلجيكا، كوستاريكا» - المنتخب الهولندي الذي خسر نهائي النسخة الماضية هو نفسه من يحمل لواء العصيان على المنتخبات الكبيرة وإلى جانبه المنتخب الكولومبي، والمنتخب البلجيكي، إضافة إلى ظاهرة البطولة المنتخب الكوستاريكي.
الفريق البرازيلي الأكثر فوزاً بالكأس العالمية يقف على رأس الهرم، وهو مرشح دائم للفوز بالكأس، لكنه أمام مباراة من العيار الثقيل أمام التحدي الأقوى هذه الليلة، وهو الذي ذاق الأمرين أمام الفريق التشيلي عندما استطاع التغلب عليه بضربات الترجيح. وهو مطالب من قبل جماهيره بإكمال المهمة على أفضل وجه وتخطي الفريق الكولومبي والفوز بكأس البطولة. ومن جانبه يعتبر الفريق الكولومبي الأفضل في منافسات الكأس العالمية حتى بدون نجمه «رادميل فالكاو» الذي أبعدته الإصابة عن المنافسات، لكن الفريق تحول من حمل وديع إلى فريق شرس يستطيع الإطاحـة بأقوى الفرق العالمية ونيل اللقب (إذا ما جانبه بعض من التوفيق)، خاصة بعد أدائه الرائع في الأدوار الأولى توجها بصدارة المجموعة، ومن ثم تخطي المنتخب الأوروغواياني بإقناع يصل إلى حد الإبداع.. وهو مطالب بهزيمة الفريق البرازيلي وإثبات قوته عندما يقابل فريق من المستوى الأول.
المنتخب الأرجنتيني الذي تبدو حظوظه أكبر بتخطي المنتخب البلجيكي، وبالرغم من أدائه الباهت فى الأدوار الأولى، والمعانات الكبيرة لتخطي حاجز المنتخب السويسري، يبقي الفريق بقيادة الساحر «ميسى» أحد أقوي المرشحين للفوز بالكأس العالمية.
مباراة ألمانيا مع الفريق الفرنسي ستكون المباراة الأقوي من الناحية النظرية.. فمنذ العام 1998 حتى الآن والمنتخب الفرنسي يئن من العذاب والحنين إلى الكأس، فهذا الفريق الذي صال وجال بقيادة الداهية زين الدين زيدان كان قد رضخ للمنطق الكروي منذ فترة ما بعد الفوز بكأس العالم، واستمر الرضوخ طويلاً، وهو اليوم يواجه المنتخب الألماني في مواجهة تاريخية تتساوى فيها الكفتان.
فالفريقان يعلمان بأنه لم يعد للإمتاع مكان في منافسات كأس العالم، وقلما يقود إلى منصات التتويج، بل أصبح الطريق الآمن نحو اللقب هو القليل من الرومانسية والكثير من الواقعية، فلابد من أداء متوازن بين خطوط الفريق، فالكرة تتطور والخطط الكروية تزداد تعقيداً، لذلك يصمم «ديشان» على صم آذانه أمام منتقديه المطالبين بكرة جميلة تمتع الجماهير.. هذا المدرب الذي بقي صامتاً منذ سنين طوال يتمنى لحظات التتويج ليشمت فيها في وجه منتقديه.
وأخيراً المنتخب الألماني القوة الكروية القديمة، الغائبة عن منصات التتويج منذ فترة، فجماهير الفريق غاضبة على الأداء الذي قدمه الفريق في مباراته الأخيرة أمام الفريق الجزائري والذي خرج فيها فائزاً بعد التمديد وهو يأمل بتقديم أداء جميل والفوز على الفريق الفرنسي لبلوغ المحطة قبل الأخيرة ومحو الصورة الباهتة التي ظهر عليها في الأدوار السابقة. ليلتان يتربص فيهما الكل بالآخر، ويطمح من النيل منه متى ما سنحت الفرصة لذلك.. السؤال هو، هل تتخلى الفرق العملاقة عن كأسها المفضلة ومكانتها العالمية كقوى كبرى في منافسات كرة القدم، أم تتغير الخارطة الذهبية وتحط الرحال إلى أحضان الطامحين الجدد مثلما فعلت إسبانيا قبل أربعة أعوام؟