إذا كانت الدولة عاجزة عن تنفيذ القانون فلا تقره ولا تصدقه، فذلك أهون ألف مرة وأحفظ لهيبة الدولة ومكانتها.
نحن على استعداد أن ننتظر مدة أطول وهناك قصور تشريعي إلى أن تستعد الدولة وتملك إمكانية تطبيق القانون وآليات إنفاذه وتدابيره ومن ثم تصادق الدولة عليه، ذلك أفضل وأحفظ لمكانة وهيبة الدولة على أن تصادق عليه ونراه إما خزين الأدراج وإما مطبقاً بانتقائية فتسقط هيبته ولا يقدره أحد.
قانون الجمعيات السياسية حتى قبل التعديلات فعال ومشكلته ليست في نصه بل مشكلته في أن بنوده مجمدة ولا يطبق لا على جمعية «الوفاق» ولا على الجمعيات القائمة على أسس مذهبية أخرى، وكلها جمعيات يرأسها رجال دين ويخطبون جميعهم في المساجد، وكثير من أعضائها خطباء مساجد، وتلك مخالفة قانونية واضحة.
الوفاق تحديداً مرجعيتها المجلس العلمائي ونشرتها وحسابها على وسائل التواصل الاجتماعي ينقل خطب الجمعية لأعضاء المجلس على الهواء مباشرة، وتلك أسس طائفية بنيت عليها الجمعية وهي أسس مخالفة للدستور قبل أن تكون مخالفة لقانون الجمعيات سواء قبل وبعد التعديل، ومع ذلك فالقانون في الأدراج لا يطبق عليها، فما الفائدة من التعديلات التي أدخلت عليه؟
دعك من القوانين، انظر للقرارات، ها هو قرار وقف خطباء المساجد الذين يثيرون الفتنة والطائفية والحقد والكراهية قد وضع موضع التنفيذ قبل يومين وتم إيقاف ثلاثة خطباء، إنما المجتمع البحريني يعرف أنه ليس هناك خطاب فيه حقد وكراهية وفتنة وتحريض على القتل كخطاب (اسحقوهم) ومع ذلك مر مرور الكرام، وكذلك خطاب (سنحول البحرين لعراق ثانية) مر مرور الكرام على مسمع وبصر الدولة ولم تحرك ساكناً، ويوم الجمعة الأخيرة من بعد الصلاة على رسول الله دعا الخطيب لمحاصصة طائفية في التشكيلة الحكومية، فماذا فعلت الدولة؟
وماذا فعلت الدولة حين هدد خطباء بإهدار دم أحد الكتاب؟ وماذا فعلت الدولة لصحيفة تنشر الأكاذيب، فالأخبار عندها والآراء لا تزيد عن كونها (لطميات) للندب والشكوى والتذمر دونما حاجة لدليل بأبسط استحقاقات المهنية؟ فأشغلت وزارات الدولة يومياً بالرد عليها ومع ذلك تقف الدولة تتفرج ويوضع قانون المطبوعات والنشر في الأدراج.
بات واضحاً أن هناك قراراً سيادياً يتدخل في القانون يمنع إنفاذه وتطبيقه على جماعة الولي الفقيه، هذا القرار متذبذب متردد، فتارة تراه يطبق لكن بحدود ثم يعود ويعطل، ثم يسمح بإنفاذه مرة أخرى في موقع آخر بحدود ثم يعود قرار المنع وهكذا.. تستمر مسيرة القانون (الزكزاكية) حين يصل إلى هذه الجماعة ينفذ بغرض التحذير ثم يعطل على أمل أن يهديهم الله من أنفسهم أو تفطمهم ماما أمريكا التي ترضعهم وتغفل عنهم فتفرض الدولة حينها هيبتها وتمارس سلطاتها.
والجماعة حفظوا اللعبة جيداً، فكلما اقترب منهم القانون صرخوا لراعيتهم أمريكا أنجدينا، يا أمماً متحدة أنقذينا، وعند أي إنفاذ للقانون البحريني استنجدوا بالقانون الدولي، أما القانون البحريني فهو تحت أحذيتهم، والدولة تسارع بسحب أدوات القانون وتؤكد لأمريكا أننا مازلنا نتحاور معهم لم نقطع الخط لا تستنجدوا بأمريكا.. احرقوا ودمروا لكن.. (بالعدال)!
لذا نعيد عليكم القول.. لا تصدعوا رؤوسنا بقوانين وبتعديلات وبقرارات الدولة ليست كفؤاً لها، حين يصبح المواطنون عند الدولة سواسية كأسنان المشط لا يفرق بينهم شيعي أو سني من أي أصول عرقية، حينها فقط صادقوا على القوانين سواء كانت تلك القوانين تنظم الحياة السياسية أو تنظم المرور، وحين نرى بأم أعيننا أنكم طبقتموها على الكل دون تدخل ودون استثناء في المجال السياسي كما هو في المرور وفي البلدية وفي غيرها، سنقف إجلالاً واحتراماً للدولة وسنقف معكم قلباً وقالباً، ومستعدون لتحدي العالم وأولهم أمريكا لفرض سيادتنا وحقنا في حفظ أمننا وسلامتنا مادام الكل أمام القانون واحداً، أما طالما بقي (سويتش أون أند أوف) للقانون موجود.. فعن إذنكم إما أن تحفظوا للقوانين هيبتها وإما أن تتريثوا في مصادقتها، هذه قوانين إن لم تحفظوا قيمتها فلن يعرف الناس هيبتها، كما قال أجدادنا (إذا ارخصت عند جيمها ارخصت عند سيمها)!