لقد كان لاختيار العاصمة البريطانية، لندن، لتكون المقر لمشروع شركة «فضاءات ميديا» التي تصدر العربي الجديد الكثير من الأسباب؛ أولها أن لندن كانت النقطة الأولى لانطلاق الجزيرة، حيث حققت نجاحاتها الأولى التي تحققت اعتماداً على أرشيف وخبرات كوادر «بي بي سي»، أما السبب الثاني فهو تخلص الدوحة من عبء المطالبات الخليجية بإقفال القناة، أو على الأقل التخفيف من لهجتها «العدائية» ضد دول الجوار الخليجي ومصالحها في المنطقة.
السبب الأخير هو رفع الحرج عن الدوحة فيما يخص سياسة القناة الجديدة، والتي ستكون امتداداً لسياسة الجزيرة، وتوجيه ذلك الحرج نحو طبيعة الثقافة الغربية المؤمن بمفاهيم الحرية الإعلامية وتعددية الرأي والشفافية.
«العربي الجديد» لم يكن المشروع الإعلامي القطري الوحيد خارج الدوحة، وإن كان الأكثر أهمية، إنما شملت خطة الدوحة عدداً من الأذرع الإعلامية والسياسية والحقوقية وإن على درجة أقل من الأهمية، من بينها قنوات فضائية ومواقع إخبارية بأسماء وخلفيات متعددة، إضافة إلى عدد من المشاريع السياسية شملت مراكز دراسات وأبحاث، تمتع فيها «الخبراء» ذو الخلفيات السياسية المتنوعة بميزات كبرى .
كل ذلك إضافة كبيرة للمراكز العالمية وبيوت الخبرات الدولية التي اتخذت من الدوحة مقراً لها لتنفيذ أجندات سياسية في المنطقة تنبع في المقام الأول من مصالح السلطة وحلفائها الدوليين، والذين رسموا مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يصبغ المنطقة بلون الجماعات والأحزاب الإسلامية، حيث كانت القاهرة حجر الزاوية والأساس فيه، فما كان من الشعب المصري ذي التاريخ العريق في «فركشة» المشاريع والأحلام الخارجية إلا أن سحب حجر الارتكاز من مشروع ينهار فوق رؤوس المخططين، الذين أخطأوا في تقدير العاطفة الدينية لدى العرب والمسلمين، وظنوا أن هؤلاء الذين يخرجون في كل مظاهرة مرددين شعارات «الله وأكبر» ليسوا حمقى يقودهم كل ذي لحية، والحقيقة أنهم قادرون على تمييز الغث من السمين، وخداعهم مرة لا يعني استمرار خداعهم كل مرة.
وبرغم كل ما سبق بقي السؤال الأخير؛ هل ستغلق قطر قناة الجزيرة؟!
.. للحديث بقية