نحن الآن في العام 2001، ثلاثة بحرينيين من أصول مختلفة، قرروا دراسة تجربة التحول الديمقراطي في البحرين، فجلسوا معاً سلسلة من الاجتماعات المطولة لإنهاء هذه الدراسة، ولكنهم فوجئوا بالاختلافات الكبيرة بينهم؟
لم تكن هذه الاختلافات متعلقة بانتماءاتهم الإثنو ـ طائفية، وإنما لاختـــــلافهم الكبيـــر فـــي النظــــرة تجاه الديمقراطية، أحدهم رفض الديمقراطية البحرينية التي تمخضت عن الميثاق لأنه يعتقد أنها ديمقراطية «غير دستورية»، والآخر تحفظ عليها أيضاً لأنه يعتقد أن من حق الشعب «الحصول على الكثير من المكتسبات وصولاً للحكومة المنتخبة»، أما الثالث فكان يعتقد أن المكتسبات التي تحققت بعد الميثاق جيدة وتناسب ظروف المجتمع، وبالإمكان تطويرها تدريجياً وإن لم يكن هناك إطار زمني، ورأيه اعتمد على ضرورة أن تتناسب الثقافة السياسية مع تطور الديمقراطية نفسها.
اثنان منهما تبنيا خيار مقاطعة الانتخابات التشريعية خلال الفترة مـــن 2002 ـ 2006، ولكــــن تغيـــر رأيهما في ذلك العام قبل انتخابات 2006. وبعد الأداء الهزيل للجمعيات السياسية المقاطعة عندما دخلت البرلمان، أعلن أحد هؤلاء الثلاثة كفره بهذه الجمعيات، وتبدلت قناعته بأن الديمقراطية البحرينية ينبغي لها أن تنضج أكثر وتتطور تدريجياً عبر مزيد من الممارسات والتجارب.
صدمت البحرين في فبراير 2011 بمطالب إعلان «الجمهورية الإسلامية»، وتحمس لها الشخص الثاني ودافع عن هذا الحراك الانقلابي بقوة. ولكن الحراك انتهى، وصدم الشخص الثاني بالوضع فهرب خوفاً إلى عاصمة الضباب بعد أن كفر بالديمقراطية وآمن بالثيوقراطية، في حين ظل الاثنان على قناعتهما بأن الديمقراطية البحرينية ناجحة وقادرة على التطور بمختلف الظروف.
الهدف من سرد هذه الأحداث، هو عرض كيفية تغير القناعات في مجتمع صغير مثل البحرين تجاه الديمقراطية، فما هو الحال بالنسبة للدول العربية الأخرى، خصوصاً التي شهدت حالة عنيفة من عدم الاستقرار بسبب الثورات الشعبية التي لم تنته حتى الآن وتحولت إلى حراك متطرف من الصعوبة بمكان السيطرة عليه.
السؤال هنا: هل مازال حلم الديمقراطية يراود العرب بعد مرور 13 عاماً على إعلان الرئيس الأمريكي السابق رغبته في دمقرطة الشرق الأوسط؟ ومرور 3 سنوات على إعلان الشعوب العربية رغبتها في دمقرطة مجتمعاتها وأنظمتها؟
لا أعتقد أن هذا الحلم يراود العـــرب اليـــوم، ولا يحظــى باهتمامهم، مع تزايد الحاجة نحـــو تــوفيـــر الحــد الأدنى من المعيشة، والأهم من ذلك الحاجة لتوفير الأمن والاستقرار اللذين انعدما في كثير من المجتمعات العربية.
ما جرى ويجري في بعض الدول العربية من انتخابات برلمانية أو رئاسية أو حتى انتخابات لجمعيات تأسيسية لوضع الدساتير الجديدة محاولات جادة، ولكنها ليست مهمة بالنسبة للشعوب العربية اليوم بعدما تضررت كثيراً، وقدمت تضحيات كبيرة لم تذق منها سوى الألم والدم وغياب الشعور بالأمن.
هذه المحاولات الجادة يمكن البناء عليها مستقبلاً، ولكنها مرتبطة بقدرة النخب الحاكمة على التحول ديمقراطياً في ظل وجود تحديات تتعلق بتصاعد التطرف والإرهاب، وتزايد الحاجة لتحقيق مطالب الأمن والاستقرار.
في ظل هذا المشهد المعقد، يأتي فوز المشير السيسي برئاسة مصر ليحقق المطالب الشعبية بالأمن والاستقرار، وهو ما يعني أن المجتمع المصري أمام مرحلة لمواجهة الجماعات الإرهابية، والأفكار المتطرفة، ووفقاً لنظرية الدومينو، فإن الحراك المصري لمواجهة الإرهاب قد ينتقل إلى الدول الأخرى بما يشبه الحملة العربية للقضاء على الإرهاب. إلى أن تحدث هذه الحالة، فإن مطالب الديمقراطية ستتراجع أكثر فأكثر لصالح مطالب الأمن والاستقرار.
{{ article.visit_count }}
لم تكن هذه الاختلافات متعلقة بانتماءاتهم الإثنو ـ طائفية، وإنما لاختـــــلافهم الكبيـــر فـــي النظــــرة تجاه الديمقراطية، أحدهم رفض الديمقراطية البحرينية التي تمخضت عن الميثاق لأنه يعتقد أنها ديمقراطية «غير دستورية»، والآخر تحفظ عليها أيضاً لأنه يعتقد أن من حق الشعب «الحصول على الكثير من المكتسبات وصولاً للحكومة المنتخبة»، أما الثالث فكان يعتقد أن المكتسبات التي تحققت بعد الميثاق جيدة وتناسب ظروف المجتمع، وبالإمكان تطويرها تدريجياً وإن لم يكن هناك إطار زمني، ورأيه اعتمد على ضرورة أن تتناسب الثقافة السياسية مع تطور الديمقراطية نفسها.
اثنان منهما تبنيا خيار مقاطعة الانتخابات التشريعية خلال الفترة مـــن 2002 ـ 2006، ولكــــن تغيـــر رأيهما في ذلك العام قبل انتخابات 2006. وبعد الأداء الهزيل للجمعيات السياسية المقاطعة عندما دخلت البرلمان، أعلن أحد هؤلاء الثلاثة كفره بهذه الجمعيات، وتبدلت قناعته بأن الديمقراطية البحرينية ينبغي لها أن تنضج أكثر وتتطور تدريجياً عبر مزيد من الممارسات والتجارب.
صدمت البحرين في فبراير 2011 بمطالب إعلان «الجمهورية الإسلامية»، وتحمس لها الشخص الثاني ودافع عن هذا الحراك الانقلابي بقوة. ولكن الحراك انتهى، وصدم الشخص الثاني بالوضع فهرب خوفاً إلى عاصمة الضباب بعد أن كفر بالديمقراطية وآمن بالثيوقراطية، في حين ظل الاثنان على قناعتهما بأن الديمقراطية البحرينية ناجحة وقادرة على التطور بمختلف الظروف.
الهدف من سرد هذه الأحداث، هو عرض كيفية تغير القناعات في مجتمع صغير مثل البحرين تجاه الديمقراطية، فما هو الحال بالنسبة للدول العربية الأخرى، خصوصاً التي شهدت حالة عنيفة من عدم الاستقرار بسبب الثورات الشعبية التي لم تنته حتى الآن وتحولت إلى حراك متطرف من الصعوبة بمكان السيطرة عليه.
السؤال هنا: هل مازال حلم الديمقراطية يراود العرب بعد مرور 13 عاماً على إعلان الرئيس الأمريكي السابق رغبته في دمقرطة الشرق الأوسط؟ ومرور 3 سنوات على إعلان الشعوب العربية رغبتها في دمقرطة مجتمعاتها وأنظمتها؟
لا أعتقد أن هذا الحلم يراود العـــرب اليـــوم، ولا يحظــى باهتمامهم، مع تزايد الحاجة نحـــو تــوفيـــر الحــد الأدنى من المعيشة، والأهم من ذلك الحاجة لتوفير الأمن والاستقرار اللذين انعدما في كثير من المجتمعات العربية.
ما جرى ويجري في بعض الدول العربية من انتخابات برلمانية أو رئاسية أو حتى انتخابات لجمعيات تأسيسية لوضع الدساتير الجديدة محاولات جادة، ولكنها ليست مهمة بالنسبة للشعوب العربية اليوم بعدما تضررت كثيراً، وقدمت تضحيات كبيرة لم تذق منها سوى الألم والدم وغياب الشعور بالأمن.
هذه المحاولات الجادة يمكن البناء عليها مستقبلاً، ولكنها مرتبطة بقدرة النخب الحاكمة على التحول ديمقراطياً في ظل وجود تحديات تتعلق بتصاعد التطرف والإرهاب، وتزايد الحاجة لتحقيق مطالب الأمن والاستقرار.
في ظل هذا المشهد المعقد، يأتي فوز المشير السيسي برئاسة مصر ليحقق المطالب الشعبية بالأمن والاستقرار، وهو ما يعني أن المجتمع المصري أمام مرحلة لمواجهة الجماعات الإرهابية، والأفكار المتطرفة، ووفقاً لنظرية الدومينو، فإن الحراك المصري لمواجهة الإرهاب قد ينتقل إلى الدول الأخرى بما يشبه الحملة العربية للقضاء على الإرهاب. إلى أن تحدث هذه الحالة، فإن مطالب الديمقراطية ستتراجع أكثر فأكثر لصالح مطالب الأمن والاستقرار.