أحياناً تختلط لدينا المفاهيم وتتصارع بداخلنا الهوية، فهل نحن في دولة عربية أو دولة برتغالية؟ وذلك بعد أن ندخل مناطق ومدناً، بل أحياء صغيرة، سميت بأسماء قديمة وكثيرة، وثانياً أسماء غير عربية مازال يحتفظ بها إلى الآن، وأصبحت مكانتها وكأنها آثار تاريخية لمعارك فيها نصر وفخر، أو أسماء لنوابغ لها أمجاد وبطولات، لكن مع الأسف هي أسماء أعجمية ليس لها معنى لا في قاموس عربي ولا حتى إغريقي.
وعندما نقارن أسماء المناطق والمدن في الدول الخليجية نرى فيها أسماء جميلة ذات معانٍ أصيلة وذكريات جميلة، أسماء لها صلة بتاريخ الدولة، تسميات تشرح النفس وتشعرك بالفعل أنك في دولة عربية، أما في البحرين فالوضع مختلف جداً، وليت المشكلة تنحصر في التسميات القديمة الأعجمية أو التسميات المعدومة المعنى، بل حتى التخطيط العمراني الجديد الذي نفذته الدولة من مشاريع إسكانية من دفان مناطق بحرية أو تعمير أراضٍ غير آهلة، قامت الدولة بإطلاق الأسامي ذاتها ومدتها بغير وجه حق بالرغم أن هذه المشاريع أو العمران الخاص ليس له اتصال باسم المنطقة؛ من الأمثلة على ذلك «حي توبلي»، ولا ندري ماذا تعني كلمة «توبلي» حتى امتد الاسم إلى مشروع أطلق عليه اسم «مشروع توبلي الإسكاني»، بالرغم أن هذا المشروع يفصله عن «حي توبلي» قرية اسمها «جدعلي» وقرية أخرى اسمها «الكورة»، فكيف بالله عليكم تأتي بعدها منطقة جديدة أقيمت عليها فلل خاصة يطلق عليها اسم توبلي، كما تم تسمية «محطة معالجة المياه» أيضاً بـ«محطة توبلي» وكان الأصح أن تسمى «محطة مدينة عيسى» أو محطة «البحرين»، كما تم إطلاق خليج «توبلي» على «ساب مياه»، وفي الأصل ليس خليجاً بل لا يخرج عن كونه «مستنقعاً».
وها هي المشاريع الأخرى وهي مشاريع إسكانية جديدة تأخذ نفس أسماء المناطق القديمة، وهكذا نفس المناطق بل الأحياء تمتد بنفس الأسماء العديمة الأصل والمنكرة في التاريخ، حتى تتحول هذه المناطق إلى مقاطعات سياسية يضع اليد عليها كل من طرفه، إذاً فتتكاثر وتكبر مناطق على حساب أخرى، وعلى حساب مصلحة الوطن والمواطن.
من جانب آخر نرى في بعض المناطق، ومثال على ذلك المشاريع الإسكانية في البسيتين، تم إطلاق تسميات جميلة عليها وقد تقبلها المواطنون بكل رحابة صدر لأنهم لا يحملون أفكاراً ولا مخططات وليس لديهم أبعاد ولا أحلام، وهي المشروع الإسكاني غرب البسيتين في منطقة الدفان، حيث سمي مشروع باسم «بندر السيف» والآخر بـ«الساية» وكلاهما من الأسماء عربية ذات الصلة والارتباط بهوية البحرين العربية.
إن التخطيط العمراني وهيكلة المناطق يجب أن يؤخذا في الاعتبار وذلك لإكساب الدولة سعة وجمالاً حين تكون هذه الأسماء ستصحح من الأسماء المأساوية التي لم يدر على بال الدولة يوماً أنها قد تخرجها من هويتها العربية، كما تشكك في تاريخها لدى المشككين الذين يسعون إلى استغلال كل شيء كي يلصقون به تاريخهم المجهول.
البحرين اليوم بحاجة إلى تهوية وإلى جمال مناطقي يشرح النفس ويستشعر منه الانتماء العربي الخليجي، حالنا حال شعوب الخليج التي لها ضواحٍ ومناطق تفتخر بعناوينها، وخاصة نحن لدينا من الموسوعات العربية التي تحمل أجمل الأسماء، ومن التاريخ الإسلامي شخصيات لها بصمات تاريخية مازالت تستمد منها دول الخليج عمقها العربي الإسلامي، وها هي البحرين كم من الشخصيات التاريخية الإسلامية زخر بها تاريخها، إلا أنها لا يوجد منها اسم زين به عنوان أو حليت به هويات المواطنين، بالرغم أن هناك الكثير من المواطنين الذين غبن حقهم في أن ألحقت عناوينهم بمناطق ليس لهم بها علاقة، كما إنها مناطق جديدة هم عمروها ببناء مساكنهم الخاصة، ولكن مع الأسف ألحقت عناوينهم باسم قرية أو حي قديم ليس له معنى ولا أصل، وكذلك هي المناطق المقابلة لمنطقة السيف مازالت مناطق بدون أسماء جديدة برغم إقامة هيئات حكومية مثل هيئة سوق العمل وغرفة تجارة البحرين والمجمعات التجارية، ولا نعرف تسمية مناطقها.
فهل يا ترى هي غفلة أو عدم بعد نظر أو عدم اكتراث؟ نرجو من الدولة تصحيح أوضاع المناطق وخاصة الجديدة منها، وتصحيح وضع المناطق التي أقيمت فيها المشاريع الإسكانية، كي لا تمتد أحياء لتصبح مدناً ويضيع حق المواطن في المشاريع الإسكانية، وحقه بأن يكون منزله الذي بناه على حسابه الخاص وفي منطقة جديدة، كي لا تختلط المعلومات وتضيع الحسبات، وتستمر الدولة عربية في حلة برتغالية قرمطية.