قد يظننا البعض نبالغ حينما نقول بأن الأمريكيين «فاشلون»! إذ إن كان هؤلاء القاطنون في الدولة التي تكثر فيها الفرص وتتحقق فيها الأحلام فاشلين، فما حال الآخرين بالتالي؟!
وللتوضيح، الأمريكان كشعب من أروع الشعوب وأكثرهم لطفاً، لكننا نتحدث هنا عن السياسيين وواضعي الأجندات السيئـــة التــي تستهـــدف الآخريـــن، هؤلاء هم السيئون، وهم من ننعتهم بالفشل، وسنوضح لماذا أدناه.
مشكلة الولايات المتحدة بأنها تريد أن تعيش من خلال بيتها الأبيض «بلونه فقط»، تريد أن تعيش وضعاً يشابه وضع الحملات الاستعمارية الواسعة في القرنين الماضيين.
كل من يجلس في المكتب البيضاوي يريــــد أن يصبـــح يوليـــوس قيصـــر والإسكندر المقدوني، ويريد أن يتوسع في السيطرة بطريقة البرتغاليين والفرنسيين، لكن لأن الأمريكان جاؤوا متأخرين وانشغلوا قبل بإبادة الأمريكان «الأصليين» أي الهنود الحمر، فإنهم اليوم يريدون السيطرة على العالم بطريقة تواكب العصر، وبأسلــوب قــد يسهــل فـــي مساعـــي تبسيطه إلى السيطرة على أجزاء كبيرة من العالم ولو بالبريد الإلكتروني أو الواتس أب!! وهنا لا نبالغ، فبرمجيات ألعاب التلفونات الذكية مثل «الانجري بيرد» تعد من أكبر البرمجيات التي تستخدم لجمع المعلومات.
لكن الدنيا تقول في دروسها وعبرها بأن من ينوي الشر للآخرين سيأتي يوم وينقلب عليه، ومن يتآمر سراً على من يدعي ظاهراً أنه صديقهم يأتي عليه يوم ينكشف أمامهم ويتعرى، وهذا حال الأمريكان، والذي تشهد سياساتهم المعنية بالسيطرة والاستحواذ واللعب بمقدرات الآخرين فشلاً تلو فشل، وما أكبره من فشل إن كان استوجب ضخ ملايين الملايين من أجل تحقيقه النجاح؟!
درس فيتنام لم يكفهم، ونهوض اليابان التي قصفوها بالقنابل الذرية لم ينبههم، الإساءة للعرب والمسلمين بذريعة الإرهاب لم توقفهم عند حدهم، وغزو أفغانستان وبهدلة جنودهم وأبناء العوائل الأمريكية لم يردعهم، تدمير العراق لم يجعلهم لمراجعة حساباتهم، ودعمهم لجماعات راديكالية وانقلابية لزعزعة استقرار بلدان بعينها لم يفرض عليهم الوقوف للحظة للتمعن في هذا التاريخ الحافل بالفشل والذي كانت دوافعه حب السيطرة والاستيلاء علــى خيــرات الآخريــن، وفــي النهايــة كانت النتيجة بكراهية طبيعية من كثيرين في هذا العالم للبيت الأسود ومن يصنع سياساته.
القطع الأمريكية آخذة في التساقط، أفغانستان ظلت شوكة في الحلق ومكاناً حرقت فيــه ملاييــن الــدولارات ومعه أرواح جنود أبرياء عوائلهم يشتمون السياسة الأمريكية بأقذع الشتائم، تدخلهم في الربيع العربي قلبه خريفاً عليهم، ومحاولات التجسس انتهت بفضائح مدوية، وهاهي العراق تسير بعكس ما يريده البيت الأبيض وبعكس خطة بيعه لطهران، والضريبة قوامها مليارات الدولارات الأمريكية.
الشعـــب الأمريكي الطيب هو أكثـــر من يدفع ضريبة سياسات إدارته، هو متضرر من تردي كثير من الخدمات (اسألوا المخرج مايكل مور)، وأرواح أبنائه تذهب هدراً في حروب لا معنى لها، وفوق ذلك كله يحس أن العالم بأسره لا يكن له المودة بقدر ما يضمر له الكره.
إن كان من وسام رفيع المستوى للفشل الذريع، فهو يجب أن يكون وبلا منازع موضوعاً على منضدة فخامة الرئيس الأمريكي.