تعليقاً على مقالي المنشور هنا الأحد الماضي وعنوانه «نبيل رجب يعترف.. مارسنا العنف»، أرسل لي واحد من الذين يتخذون من نبيل رجب مثالاً تغريدة على بريدي قوامها ثلاث كلمات بالعدد، حيث كتب.. «سود الله وجهك». لم أستغرب ولم أدهش، ليس لأنها المرة الأولى التي يقلّ فيها أحدهم أدبه عليّ بهذه الطريقة ولكن لأنني أعرف أن هذا هو مستوى كثيرين من المحسوبين على أولئك الذين «قصوا على روحهم» وقالوا عن أنفسهم بأنهم ثوار وأنهم يسعون إلى بناء دولة الحق والعدل والحريات.
لم يكن ذلك التعليق الوحيد الذي تضمن قلة أدب رداً على المقال المذكور ولكنه كان الأكثر تعبيراً عن مستوى أولئك وأخلاقهم «الثورية» وافتقادهم للمنطق، ذلك أن من يمتلك المنطق والحجة لا يعجز عن الرد بمنطق وبأدب على النقاط التي تم طرحها في المقال، فالسب هو سلاح الضعيف، مثله مثل الصراخ ورفع الصوت في المناقشات والدخول في معركة بالأيدي مع الآخر.
مؤسف أن يكون هذا هو مستوى من يعتبرون أنفسهم معارضة وثواراً ولا يترددون عن الذهاب إلى الخارج لنشر «مظلوميتهم»، ومؤسف ألا يتخذ من «يشد الظهر بهم» أي موقف منهم فلا يكلف نفسه حتى أن يقول لهم «كخ» أو «لا أحبتي» أو «عيب بابا» فيعتبر الأمر عادياً ولعله يبرر لهم بالقول إن أعصابهم متوترة أو إنهم لا يقصدون أو لقد فهمتهم خطأ!
هذا المحسوب عليكم قال لي «سود الله وجهك»، سأقبل وسأتجاوز عن الأمر لو وصلني من أحدكم يا أيها «القياديون» ما يفيد بأن الأمر عادي كي لا أستغرب لو سمعت أحدهم يقول الكلام نفسه لكم.
إنها قلة أدب ومستوى يعبر عن تربية دونية لستم مبرؤون منها لأن من كتب هذه الجملة كتبها في معرض الدفاع عن أحدكم ومن الواضح أنه متحمس له ومتأثر بكم، ومن الواضح أيضاً أنه واثق أنكم لن تعترضوا على استخدامه هذه العبارة وأمثالها وإلا لما تجرأ وأرسلها لي أو ربما لغيري.
هذا المستوى «الشوارعي» ليس مقتصراً على هذا المتحمس لكم والذي لم يمتلك القدرة على الرد والتعليق بأدب فلجأ إلى قلة الأدب، فهناك آخرون من «الثوريين» لا يترددون عن استخدام عبارات من هذا القبيل سواء بالتغريد أو بالتصريح لعل أقربها تعليق أحدهم على تصريح لآخر عن المشاركة في الانتخابات بقوله «اخرس وكفى» (يعني جب)!
قبل أيام أخبرني صديق أنه نهر «رجلاً» كان يجلس معه في مقهى ذكرني بسوء وأنه قال له إن لم يعجبك ما يكتب فمن حقك أن ترد عليه وتشرح وجهة نظرك وتدافع عما تعتقده صواباً، ولكن ليس مقبولاً أن تذكر الآخرين بسوء أو تستخدم عبارات لا تليق بالإنسان البحريني الذي هو دائماً مضرب المثل في الأخلاق.
وقبل ذلك بقليل وبعده أخبرني آخرون عن آخرين افتقدوا المنطق والحجة والرأي السليم فلجؤوا إلى قاموس السب والشتيمة وانتقوا منه ما يشفي غليلهم.
هذا هو مستوى بعض من يدافع عنك يا نبيل رجب، وهذا هو مستوى من تطالب بحقوقهم. أما نحن فلن نرد على الإساءة بالإساءة لأن تربيتنا تختلف عن تربيتهم ولأننا نحترم أنفسنا وملتزمون بأخلاق مجتمعنا وما تعلمناه من ديننا الإسلامي الحنيف، ولكنني آمل أن يكلف «القادة» أنفسهم وأنت أولهم لتخصيص بضع دقائق من خطاباتهم «الثورية» ليدخلوا في آذان هؤلاء بضع كلمات ملخصها أن هذا الأسلوب «عيب» وأنه «لا يجوز» وأنه يعبر عن قلة أدب وسوء أخلاق وفشل في التربية وليقولوا لهم بأنهم بلجوئهم إلى التعبير عن أنفسهم بهذا المستوى يسيئون إلى «ثورتهم» وإلى الراية الحسينية التي يرفعونها في مسيراتهم.