الكل متفق بنهاية الجولة الثانية على تميز المونديال الحالي عن سابقيه من حيث القوة وسرعة الأداء إضافة إلى التشويق وزيادة معدل الأهداف. هذا التميز جاء نتيجة لتطور الفكر التدريبي ونهج فلسفة جديدة مبنية على تحقيق الفوز بطرق وأساليب متعددة وبتنفيذ مجموعة لاعبين مرنة تكتيكياً ومعدة نفسياً وفنياً وبدنياً على أعلى مستوى.
ثقافــــة الفـــــوز التــــــي طغـــــــت على المونديال كان وراءها نجوم في عالم التدريب قدموا للمهتمين في شؤون كرة القدم وبالأخص المدربين دروساً مجانية في كيفية إدارة المباريات، لذا رأينا من مدربي المنتخبات من سطع نجمه وفرض اسمه كمدرب كبير يحمل أفكاراً جديرة بالمراقبة والاهتمام. ومنهم من أفل نجمه وأصطدم بواقع عرى أفكاره بعد أن كان يتغنى باسمه وبإنجازات منتخبه، وأخيراً وليس آخراً من اعتمد وبشكل شبه مطلق على النجم الأوحد.
قدم لنا خورخي لويس مدرب منتخب كوستاريكا نموذجاً رائعاً في كرة القدم الحديثة مطيحاً به منتخبين قويين في مجموعته الحديدية، مبتدأً بالفوز المستحق على منتخب أوروغواي ومن ثم الفوز الكبير على منتخب إيطاليا بتكتيك قوي وبأسلوب لعب يدرس، اعتمد فيه على الضغط العالي على وسط ودفاع إيطاليا وشل مفاتيح اللعب، بالإضافة إلى الأدوار الموكلة لمتوسط دفاع كوستاريكا وبالأخص اللاعبين غونزاليس ودوارت في التقدم للأمام وبدء عملية الضغط على لاعب الوسط المتقدم. خورخي لويس كان مؤمناً بقدرات فريقه في تطبيق فلسفته، فكان الانتصار وتصدر المجموعة مستحقاً رغم أن كوستاريكا لم تكن مرشحة لبلوغ الدور الثاني.
تنوع طرق وأفكار لويس فان غال مدرب منتخب هولندا قادت الطاحونة لتصدر مجموعته بفوز كاسح على بطلة العالم إسبانيا وبانتصار ثانٍ عسر ضد منتخب أستراليا حين بانت عبقريته بتبديل ذكي خفف به الضغط الواقع على آريين روبن وفان بيرسي وذلك بإشراك اللاعب ديباي كوسط أيسر فزادت الخيارات والتنوع في الحالة الهجومية.
في المقابل لم نرَ أفكاراً واضحة من قبل مدرب الأرجنتين سابيلا وبصورة أقل سكولاري مدرب البرازيل، فالأول يعتمد وبشكل كلي على النجم ميسي وما يقدمه من إبداعات رغم وجود كوكبة من النجوم قادرة على صنع الفارق. أما سكولاري فهو يسير على نفس النهج ولكن بصورة أقل باعتماده على النجم نيمار مع وجود خيارات مهمة بإمكانها قلب الموازين. أعتقد أن على سابيلا وسكولاري إيجاد طرق بديلة وإلا فإن البرازيل والأرجنتين في طريق الخروج من المونديال.
لننتظر ونرى ما ستسفر عنه الجولة القادمة.