مع اقتراب موعد الاستحقاقات النيابية في البحرين، بدأت بعض الوجوه غير المألوفة في الظهور إلى واقع الحياة السياسية بطريقة طارئة وغريبة، حتى أن البعض منهم لا يعرفهم أهالي منطقتهم، فهم إما شخصيات مغمورة أو وجوه غير معروفة. وبهذا فإن أولى صرعات الانتخابات النيابية قبل بدء صافرة الانطلاق نحو السباق البرلماني، بدأت من هؤلاء القوم.
بالطبع حين لا نعرف من هو المرشح للانتخابات النيابية ومن يكون، فإننا لا يمكن أن نقرر منذ الوهلة الأولى عدم جدواه وكفاءته بين كل المرشحين، ولهذا يأتي بعد هذا الأمر، أمر في غاية الأهمية لمعرفة قدرة هؤلاء المتنافسين على خوض غمار السباق الانتخابي، ألا وهو «البرنامج الانتخابي».
كثير من المرشحين الذين يدخلون على خط الانتخابات النيابية، وخصوصاً «الجدد» منهم، لا يملكون أي مشروع انتخابي يدخلون من خلاله المجلس، بل إن بعضهم لا يملكون برنامجاً انتخابياً يمكنهم أن يراهنوا عليه من أجل الإصلاح تحت قبة البرلمان. فالشخص الذي ينوي ترشيح نفسه وهو لا يملك برنامجاً ولو شكلياً لدخول المجلس، كيف له أن ينجح في الانتخابات، فضلاً على أن يقدم مشاريع تشريعية رصينة أو أن يقوم بدور المراقبة من داخل المجلس؟!
لو كان المرشح معروفاً لدى الجميع ولديه برنامج انتخابي متكامل، هل يعني ذلك أنه يستطيع أن يقدم للمجلس ذلك العطاء المبهر؟ وهل بإمكانه أن يضحي بوقته وجهده من أجل هذا الشعب؟ بالطبع كلا؛ ولهذا يأتي أمرا آخر في غاية الأهمية، وهي ضرورة أن تكون السيرة الذاتية للمترشح على قدر كبير من التاريخ المشرف والمشرق، وأن تكون الأمانة والإخلاص والفضائل الخلقية من أبرز سمات المترشح، وإلا إذا لم يملك كل هذه المقومات الأساسية للشخصية الوطنية النزيهة، فإن كل الشهادات والدعايات والمنشورات وكل البرامج التي يتبناها لن تشفع له في أن يقدم للشعب ما يريده.
لا فائدة في المؤهلات إذا لم يملك المرشح تاريخاً أخلاقياً نظيفاً، بعيداً كل البعد عن الغش والسرقات والتدليس وبيع الأوهام، كما لا فائدة من مرشح يمتلك كل المقومات الأخلاقية النبيلة، لكنه في ذات الوقت يفتقر إلى العلم والمعرفة والخبرة السياسية والتشريعية. فالتاريخ الأخلاقي للمرشح يجب أن يسير متوازياً مع الكفاءة والقدرة على العطاء وامتلاكه للبرنامج الانتخابي المتكامل، فحين تجدون شخصاً يفتقر لإحدى هاتين الدعامتين الأساسيتين للنائب فاعلموا أن مرشحكم «أعرج»، وحينها لا يجب عليكم أن ترشحوا «أعرج السياسة» من باب «ليس على الأعرج حرج»، وإلا سوف تتحملون تبعات الاختيار، فإذا كان مرشحك أعرج فلا تكن أعور في الاختيار، فإن فعلت فلا تلومن إلا نفسك.
سترون من الآن وحتى يوم الانتخابات النيابية القادمة مجموعة لا بأس بها من الأشخاص الذين نطلق عليهم بالنطيحة من المترشحين والمتردية، فعليكم تجنبهم وتجاوزهم من باب «يا دار ما دخلك شر». أما في حال وجدتم الكفاءة التي تتمتع بالقيمة الأخلاقية الشريفة فعليكم باختيارها، وإن كانت تعتبر في زمننا هذا كالكبريت الأحمر، كما أن الناخب الحكيم والعاقل في هذا الزمان يعتبر كبريتاً أحمر آخر.. والله المستعان.