بتاريخ 27 مارس 2014 طالبت «جمعية الأصالة» بمحاكمة أمين عام جمعية الوفاق علي سلمان لسبه الأنصار والمهاجرين في أحد خطبه، واتهمت الأصالة في بيانها أمين عام الوفاق بأنه قام بسب المهاجرين والأنصار عمداً وعلناً أمام جمع من الناس في ذكرى إحيائه لوفاة فاطمة الزهراء، واتهامهم بـ «الجبن والعجز والتخلف عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم»، كما زعم أن فاطمة الزهراء اشتبكت وتصدت لرأس السلطة، ويقصد أبا بكر الصديق رضي الله عنه، وهو ما يعارض كتاب الله الذي قال عنهم (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسانٍ رضي الله عنهم ورضوا عنه)، ولم يتوقف عند هذا السب؛ بل تطاول بعدها جاء في خطبة له على الخلفاء الأمويين باتهامهم بقتل أبناء الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث قال: «فلو ادعينا دعوتنا صادقة وأن هذه الرسالة خاتمة وهي صالحة للبشر فسنجد من يطالبنا بالتطبيق، وعن أي إسلام ندعيه؟ هل إسلام الأمويين الذين قتلوا أبناء رسول الله أو العباسيين الذين قتلوا الأمويين وأبناء رسول الله صلى الله عليه وسلم».
فهل هناك أكبر من هذا التطاول والسب بأحط الأوصاف؟ أليس هذا تعدياً وازدراء لعقيدة المسلمين في البحرين وفي الخليج وفي العالم كله؟ ثم كيف يمر هذا التطاول بسلام في الوقت الذي ينزل أشد العقاب والتأنيب عندما يقع هذا التطاول من شخص عادي يمثل رأيه، فتصدر التهديدات بإراقة دمه، وينشط المحامون لرفع قضية عليه في المحاكم ويقطع رزقه، في الوقت الذي يتم التغاضي عمن يتطاول ويعتدي بالسب العمد على المهاجرين والأنصار وصاحب الرسول في الغار، والذي ذكره الله في كتابه وسماه بـ «الصاحب».
فمن أولى أن يعاقب ويحاسب؛ هل من تطاول على صحابة رسول الله وعلى من جاء ذكرهم في كتاب الله؛ أم يعاقب من تطرق -من غير قصد- على اعتقاء آخر؟ ثم الذي بدأ بازدراء الأديان والملل؛ أليس من شكك في حقيقة التعاليم الإلهية واتهمها بالتحريف؟ وهذا ما ذكره علي سلمان في خطبته في 9 مايو 2014 تحت عنوان «لو وجد (إعلان المنامة) النور على أرض الواقع فلن نجد أي مشكلة في البحرين»، حيث قال: «هذه البشرية غير قادرة على الوصول لبر الأمان لوحدها وفقاً لاجتهادات العقل في حال رفض اتباع الإرشادات الإلهية والقبول بها سواء على المستوى المسيحي أو اليهودي أو المسلم، فكما حرف المسيح واليهود تعاليمهم الإلهية قام المسلمون بذلك». فماذا يقصد بتحريف التعاليم الإلهية؟ وما هي التعاليم الإلهية التي حرفها المسلمون؟ أليس هذا تشكيك في التعاليم الإلهية التي يتبعها فئة من الناس لم يشر إليها، وانما هي من قصدها.
إذاً نحن اليوم أمام معايير غير عادلة حين يحاسب شخص ويصدر عليه أحكام دون الأخذ في الاعتبار أن هذا الشخص «تقدم بالاعتذار»، وأنه لم يصر على ما قال ولم يعيد ويكرر ويتحدى كما يفعل غيره، في الوقت الذي يصر رئيس جمعية رسمية على سب وشتم صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهم رموز الأمة الإسلامية جمعاء، ودون أن يكون هناك أدنى محاسبة، حتى من وزارة العدل، المسؤولة عن هذه الجمعية وعن الخطاب الديني، أم أن سب وشتم علي سلمان لصاحب رسول الله يدخل تحت بند «حرية الرأي» وما يقوله كاتب هو جريمة تدخل في بند ازدراء الأديان؟.
إن من العدالة أن يحاسب أولاً من شتم الصحابة والخلافات الإسلامية التي تلت العهد الراشد، قبل أن يحاسب كاتب ربما خانه التعبير، فأيهما أجرم؟ وأين هذه العدالة التي طالما تشدق بها وطالب بتطبيقها علي سلمان في حين يسمح لنفسه ويحلل بأن يزدري عقيدة المسلمين في البحرين وفي كل مكان في العالم، وينزل أشد العقاب في شخص لمجرد أن قلمه خط عبارات لم يصر عليها.
وأننا نرجو اليوم أن تطبق العدالة بمحاكمة علي سلمان كما جاء في بيان «جمعية الأصالة»، ومن ثم يمكن قبول محاكمة الغير بالمثل وحسب الجرم، على أن لا يتساوى ميزان الصحابة مع ميزان باقي البشر، وبعد تطبيق القانون على الجميع لن نسمع بشتم علانية ولا حتى همهمة.