الأيام الماضية حملت كثيراً من الأمور في طياتها، تمازجت أحداث، وبرزت مزايدات، وبانت مساعي استهداف، والجميع وسط هذا يعرف بأن هناك ما هو مختبئ خلف الأكمة لهذا البلد. لكن كيف ومتى؟! تظل هذه هي الأسئلة!
اللاعب الأبرز في مواجهة النظام «هكذا يدعون» هم جمعية الوفاق، المتحدثة باسم الجمعيات الأخرى التي تتبعها، بينما جماعة «لندن» لها رأي آخر. بينما من يتعاطى مع الساعين لاستمرار مشروع الانقلاب على الدولة وإسقاط النظام -ولو بطريقة أخرى أكثر نعومة- هم يفترض أن يكونوا الجانب الذي يسير في اتجاه الحوار، في حين من يواجه هم الأطراف المشددة على عدم تكرار السيناريو ذاته بمنح الغادر سكيناً جديدة ليغدر بها!
لكن في هذه المسألة مازالت الأمور غير واضحة، الرسائل غامضة، وإجابات التساؤلات العديدة مبهمة، بين الجدوى الفعلية من استمرار حوار مع من مازال يتطاول على البلد، وبين وجوب تطبيق القانون أولاً قبل كل شيء.
وسط هذه المعمعة، إن أردنا الحديث بلسان المواطن البسيط، المواطن البحريني بتباين انتماءاته وقناعاته وأهدافه في حياته، فإن الرغبة واضحة في معرفة إلى أين سيؤول الوضع الحالي، وكيف ستكون نهاية المشهد؟!
«المسجات» المرسلة للشارع عبر مختلف الوسائل مزعجة لصفو التفكير إن أراد أي شخص الإمعان فيها. فبين شد وجذب من الجهات الحكومية المعنية بتطبيق القانون بشأن تفعيل ما ينص على الحالات التي تشهد تطاولات وتجاوزات أو خرقاً للقوانين، كحال وضع بعض الجمعيات، وبين تصريحات -واضحة بأن هدفها كسب مزيد من صراخ الشارع- من قبل الوفاق تفيد بوجود مقترحات واتفاقات لصفقات ومحاصصات وأنها -أي الوفاق- رفضت لأجل «عيون شارعها»!
من «يرفع» ومن «يكبس» بمفهوم لغة الكرة الطائرة؟! الوضع أشبه ما يكون على هذا التوصيف. وحتماً هناك ما يدور في الخفاء، إذ منطقياً لا يمكن لأية محادثات أو سموها ما شئتم أن تحصل على الملأ، وطبعاً ذلك لأن رد فعل الناس المحسوبين على أي طرف حتماً فيه ما سيعكر سير الأمور، خاصة من مازالوا يرون بلدهم يعاني من تداعيات محاولة الانقلاب ومن استمرار التحريض والعنف ومن تزايد التهجم على الدولة.
لو تحدثنا بالمنطق البحريني لن نفهم شيئاً، وسنضيع في القول ودون أي ترجمة! فخلال ثلاث سنوات يجوز لنا القول بأننا كل يوم «نتوقع ما لا يتوقع» فالثوابت السياسية والقانونية لدينا ليست ثابتة أصلاً، وهناك شواهد عديدة!
لكن لو تحدثنا مثلاً بالمنطق الغربي الذي يصدر عمن يمارس علينا الضغوط الكبيرة «كما تقول جميع الأطراف»، فلن نجد أن أمريكا أو بريطانيا تمتلكان سعة صدر للصبر على من يتطاول على النظام ويهدده ويتوعده ثلاث سنوات كاملة. ديفيد كاميرون أنهى الفوضى في أسبوع حينما عمت لندن، والولايات المتحدة لديها حل وحيد أثير، «معتقل خليج غوانتنامو» سواء كان مجرماً، متهماً أو بريئاً، وفي كل الحالات «نهارك أسود من ليلك»!
الآن نجد علي سلمان يتحدث عن جمعيته التي يتعامل معها وكأنها «دولة داخل دولة»، يتحدث عنها بأسلوب الكيان الذي لا يجب أن يمس، وإن مسته الدولة حتى بالقانون والدستور، فإن البحرين ستتحول إلى «عراق ثانية»!
هذا منحنى آخر جديد في مستجدات الأيام الأخيرة، يفترض به أن يلقي بظلاله على أي حديث معني بالحوار الذي من الواضح بأنه لا مستقبل له! إذ من يحاور إرهابياً محرضاً مناهضاً للبلد على أمل تحويله لمخلص للأرض ومتفاهم مع النظام وداعم للأمن والقانون، إنما يعرض فريقه وبلده وأهله لتطاولات وتحديات مثل هذه ستستمر وستتضخم وستصل لما هو أعظم.
كل هذا يقودنا للتساؤل بحيرة، إذ مع مثل هذه المعطيات، كيف ستكون نهاية المشهد؟! كيف ستصلون للفصل الأخير من مسلسل المعاناة التي تعيشها البحرين؟! كيف سيتوقف الإرهابي عن إرهابه ويكف المحرض عن تحريضه؟!
هم جربوا أدوات ووسائل رأوا فيها فائدة حيث إنها أوصلتهم لطاولات الحوار بدلاً من منصات القضاء، بالتالي لماذا يتركون سلاحاً أثبت فعاليته؟!