كتبت العنوان بلهجتنا البحرينية الدارجة؛ وذلك لأنه ذكرني بقول بعض الشياب حينما يتحدثون عن شباب هذه الأيام وصعوبة الحصول على وظائف حتى لو كانت لديهم شهادات عليا، إذ يقول «عندك شهادة وإلا ما عندك كله واحد.. ما في أشغال»!!
بيد أن الموضوع هنا يتعلق بخبر نشرته الزميلة «البلاد»، بشأن رد تلقته من وزارة التربية والتعليم على استفسار بشأن «إلغاء علاوة مؤهل الشهادة» ابتداء من يناير 2014. وذلك يشمل جميع المؤهلات سواء دبلوم التمهن أو الماجستير والدكتوراه. وبينت الوزارة أنه بخصوص «دبلوم التمهن» هو متطلب للتوظيف في الوظائف التربوية وعليه لا يمنح عليه أية علاوة، وأن هذا بتوجيهات ديوان الخدمة.
ردود الفعل أشار لها الخبر المنشور وذلك عبر استياء تربويين وأعضاء بالهيئات التعليمية، باعتبار أن هذه العلاوة كانت تصرف في السابق، وأن أغلب أعضاء الهيئات التعليمية يضطرون للدراسة لمدة فصلين دون تفريغ ما يعني جهداً مكثفاً ومضاعفاً بين الدراسة والتدريس.
لكن الغريب وهو «ما يزعج» فعلاً حينما نعلم بأن العلاوة بشأن المؤهل الذي يدور حوله الجدل تبلغ «عشرة دنانير فقط»! إذ أهذه قيمة معقولة لمؤهلات أكاديمية بذلت مقابلها جهود، بغض النظر عن تبايناتها وحجمها؟!
الخبر أشار لشمول جميع الدرجات ما يعني الماجستير والدكتوراه أيضاً وهي درجات عليا لن تمنح عليها أية علاوات بالتالي، والكلام في الخبر معني بوزارة التربية ما يعني -بحسب ما نقل عن التربويين والمحسوبين على الوزارة- لا يمثل حافزاً لتشجيع منتسبي الوزارة على التعلم وتطوير أنفسهم مما يتنافى مع رؤيتها.
هنا لست بمعرض الحديث بشكل أساسي عن إلغاء هذه العلاوة أو حتى قيمتها المالية «الرمزية» أو سياسة وزارة التربية تحديداً في هذا الخصوص، خاصة وأن الوزارة لا تلام إن كانت العملية مبنية على توجيهات من الجهة المنظمة للرواتب والأجور في الدولة. لكن ما يعنينا من المسألة هي النظرة السائدة بخصوص التطوير العلمي الشخصي والتحصل على الشهادات الأكاديمية والدرجات العليا، في مجتمع يقول بأنه يحرص على تطوير الفرد، لكنه لا يقابل هذا التطوير بالتقدير المناسب والاستغلال الأمثل ما قام بتطويره!
للأسف العرف السائد لدى الكثيرين بأن التحصل على الشهادة الأكاديمية بالأخص الماجستير والدكتوراة مسألة مقرونة بالترقي وزيادة الراتب، لا أكثر! وهذه كارثة بحد ذاتها! ناهيكم عن عقدة «الدال» والتي بسببها تحولت بعض الجامعات الخاصة لدكاكين تبيع الدرجات العلمية بيعاً فاضحاً مشيناً! طبعاً بعضهم وليس كلهم.
على الصعيد الذاتي، قليل من تراه يسعى لمواصلة الدراسات العليا وهدفه تطوير ذاته، وهدفه الآخر إضافة شيء جديد للمجال الذي يبحث فيه ويسعى لإثبات نظريته فيه أو تحقيق نتائج مؤثرة في خلاصة الدراسة.
وعليه بربط المسألة، بين نظرة القطاعات في الدولة للشهادات وكثير من حملتها، دون تناسي الذريعة التي ستظل قابعة بشكل «أزلي» ونعني «العجز في الميزانية»، فإن إلغاء أي نوع من العلاوة، أو أي زيادة مسألة عادية جداً. إذ متى رأيتم اهتماماً حقيقياً وجاداً بأي دراسة بحثية سواء ماجستير أو دكتوراه لدينا، اهتماماً معني بقيمتها العلمية المجردة لا اهتماماً مرتبطاً باسم من قام بها ووضعه وموقعه؟!
ولذلك حينما يستاء المعنيون من حتى منحهم هذا التقدير المالي الرمزي جداً، فهم لا يلامون أصلاً، لأن كثيراً منهم سعى ليطور من نفسه ويحصل على الشهادة بسبب القناعة التي ترسخت بأنه لن يتقدم أنملة على السلم الوظيفي إلا بها، وأن راتبه لن يتحرك ولو قليلا إلا بهذه الورقة. بالتالي من يلام هنا؟! هل نلوم الذي مشى مجبوراً مع اتجاه التيار؟! أم نلوم مصب الماء الذي هو يوجه التيار في الاتجاه الذي يريد؟!
مؤسف أن ينظر للعلم والتحصيل الأكاديمي بهذه الصورة وأن يتم التعامل معه بهذه الطريقة!
وفوق كل هذا تتخرج كل عام أجيال، من حملة البكالوريس أو الماجستير أو الدكتوراه، وكثير منهم يعانون في التحصل على وظائف مناسبة، لتصدق فيهم مقولة الشايب «شهادة أو بدون شهادة، كله واحد»!