في ظل الإسلام السياسي الكافر بكل القيم والمبادئ الإنسانية السامية، وفي ظل الإسلام المتزمت الذي تتبناه المجاميع الإسلامية المتطرفة في عالمنا الإسلامي، ما أحوجنا اليوم إلى إسلام وسطي معتدل نظيف يعيد للدين هيبته وبريقه وألقه.
لم تنجح غالبية الجماعات الإسلامية بكل فصائلها ومذاهبها في العالم أن تقدم نفسها كنموذج للإسلام المنفتح على الآخر، وأن تكون مثالاً دينياً قيماً يحتذى به بين بقية الديانات الأخرى، خصوصاً فيما قدمته لنا بعضها من نماذج سيئة جداً للإسلام الدموي الذي بشر به شباب العالم الإسلامي عبر كثير من سلوكياته الشاذة عن روح الإسلام، ووعيه الرشيد، وفكره المستنير. كلنا يعلم مدى خطورة وأهمية مرحلة «الشباب»، إذ إن هذه المرحلة تعتبر من أكثر المراحل توقداً وحماسة من بين بقية مراحل عمر الإنسان، ولهذا فإنه من الضروري توجيه هذه الفئة لبناء الذات من أجل بناء الواقع والمستقبل، قبل دفعها لبناء المجتمع، فالكثير من الشباب اليوم يحاول أن يقدم فهمه للإسلام على أنه الأنموذج الفاضل بين كل النماذج الأخرى لبقية العقائد والأيديولوجيات المخالفة للدين الإسلامي، ولربما أوقع هذا الحماس الشديد كثيراً من الشباب المسلم في فخ الإسلام السياسي، حتى رأينا منهم ما لا يصدقه عقل ولم تره عين ولم يخطر على بال بشر، وذلك من فضائع وجرائم وانفلات للأخلاق، قدموه لنا باسم الدين!!
إن غياب النماذج المعتدلة من عالمنا الإسلامي من الشباب المتدين، أعطى فسحة لجماعات التيارات الدينية المتطرفة أن تتحكم في توجهات ومصير ملايين الشباب الذين فقدوا البوصلة، فكانت البؤر المتشددة هي الحاضنات الطبيعية لكل شاب متدين، خصوصاً مع غياب الاستراتيجيات البناءة من طرف منظمات المجتمع المدني ومن طرف حكومات الدول الإسلامية، ولهذا أوجد هذا الفراغ الكبير مناخاً ملائماً في أن تقوم جماعات الإسلام السياسي في تبني هذه المجاميع الكبيرة من الشباب، وزجها إما في معارك خاسرة أو في مشاريع فاشلة، ومن هنا خسر كل من العالمين «العربي والإسلامي» كثيراً من الطاقات الشابة المتوهجة، والتي هاجرت «مرغمة أو مختارة» نحو الإسلام السياسي المتطرف.
مؤخراً التفت بعض الدعاة لهذه المعضلة الإسلامية والحضارية التي تواجه شبابنا العربي، فقاموا بتبني بعض المشاريع الإعلامية من أجل توجيه الشباب نحو الاتجاه الصحيح وانتشالهم من براثن وأحضان التيارات الدينية المتشددة، إلى حيث التعاليم الإسلامية المعتدلة، وحتى هذه اللحظة فإننا نعتقد أنهم نجحوا لحد كبير في اكتساب مجموعة من الشباب العربي والإسلامي، ولهذا نتمنى أن تتكرر تجربتهم في أشخاص آخرين وأن يتم دعمهم بصورة صريحة ومستمرة، حتى يصلوا لأهدافهم ويحققوا مشاريعهم الناجحة في استقطاب الشباب، وانتشال كثير من الذين رحلوا نحو التطرف بفعل غياب التوجيه لهم إلى حيث الإسلام الوسطي. يعتبر الداعية الشاب أحمد الشقيري من أبرز الشخصيات الشبابية التي قدمت النموذج الوسطي للإسلام المعتدل والنظيف، وهي تجربة تستحق التأمل والتشجيع والدعم، لأنها قدمت تجربتها بعيداً عن كل النماذج المحلية والتقليدية، فضلاً عن التجارب المتطرفة أو ذات التوجهات السياسية القاسية، ومن هنا وضع الشقيري قدماً راسخة في الطريق الصحيح، فكان له ما أراد؛ فمن هو أحمد الشقيري؟ وكيف قدم نفسه داعية مختلفاً؟ وما مدى تفوقه ونجاحه في رسم طريق مغاير لشبابنا عما قدمه لنا علماء الدين والدعاة التقليديين؟
.. للحديث بقية