لو كنت من ضمن القراء وقرأت العنوان أعلاه، لسارعت للتأكد من التاريخ، مع الجزم بأنها كذبة «أبريل»، وكذبة قوية جداً تأثيرها أقوى من القنبلة الذرية!
لكن هنا وبمناسبة انتهاء عمل مجلس النواب، والاستعداد لشعارات و«دغدغات» إعلامية استهلاكية من «الدفعة الجديدة» أو «نفس الوجوه القديمة»، فإننا نتساءل معكم، والتساؤل مشروع: كيف يكون المواطن البحريني راضياً كل الرضا عن البرلمان الذي انتخب أعضاءه وصوت لهم؟!
هي قصة «وجع» و«ألم» و«خيبة أمل» عمرها الآن 12 عاماً منذ الجلسة الأولى للفصل التشريعي الأول حتى الجلسة الأخيرة التي لم يكترث بها إلا من هم مغادرون لكراسيهم في المجلس وبالأخص ممن يشكون بأن التصويت لهم مرة أخرى هو ضرب من الجنون، رغم أننا ندرك بأن هناك من الناس من صب جام غضبه على نائب منطقته، وأقسم على المصحف بألا يعيد انتخابه، لكنه سيفعل ذلك –أي إعادة التصويت له- كما جرت العادة.
فقط نتخيل، حتى نخلص إلى خلاصة مفادها أننا كمواطنين راضون عن أداء من انتخبناهم، نتخيل بأن النواب على امتداد ثلاثة فصول أي 12 عاماً، أي 4380 يوماً، أي 105 آلاف و120 ساعة، باعتبار أن بعض النواب لا ينامون الليل بسبب حملهم هم المواطن، نتخيل بأنه في هذه السنوات قام النواب بتحقيق كل شيء للمواطن، أفلا يكون بعدها المواطن راضياً كل الرضا؟!
لكن لماذا لم يحصل كل هذا؟! لماذا باعونا وعوداً وكلاماً، وحينما جاء التطبيق على أرض الواقع لم نجد صوتهم ملعلعاً مثلما وجدناه في حملاتهم الانتخابية، أو استعراضاتهم بمواجهة كاميرات المصورين؟!
بعد 12 عاماً مازالت الناس تنتظر رفع أجورها وتحسين وضعها المعيشي. بعد 12 سنة لم يتحصل المواطن على زيادة مؤثرة تقارب زيادات دول الخليج، لكنه تحصل على «العجز الإكتواري» الذي تضخم أمام عيون النواب أنفسهم!
بعد 12 عاماً مازالت الناس تنتظر حل مشكلة الإسكان، فإذا بعدها تزيد وتتصعب الحلول، بل تخرج تصريحات رسمية بإعادة النظر في اشتراطات التحصل على الخدمة، وبعدها بفترة يقال للنواب «مسامحة» لا يمكن واقبلوا بالوضع الحالي و«عاد كيفكم»، وهنا بالأحرى «كيفك يا مواطن» وليس النائب طبعاً!
بعد 12 عاماً، مازالت الناس تنتظر تسهيلات أكبر في شأن الخدمات، فإذا بها تواجه بتلويح برفع الدعم ودندنة خفية بشأن الضرائب، بل فعلها النواب «عفيه عليهم» وقبلوا بتمرير استقطاع الـ1% رغماً عن إرادة المواطن!
بعد 12 عاماً، مازالت الناس تنتظر استخدام النواب لأدواتهم الدستورية في المحاسبة والمساءلة وطرح الثقة (أقلها فيها فرد عضلات وعنترة، وهذا يستهوي بعض النواب) لكن الواقع يقول بأن تقارير الرقابة المالية تضخم حجمها، ولم يحاسب وزير أو وكيل أو مسؤول أو حتى «فراش»، بل كل تقرير يصدر يعني وفاة الذي سبقه دون أن يغفل النواب طبعاً عن الاستفادة منه في الصراخ والتهديد على صفحات الجرائد!
بعد 12 عاماً، انتظرت الناس استخدام الإيرادات المالية والمساعدات مثل الدعم الخليجي والضخ الإضافي في الموازنة في أمور تمس حياتهم مباشرة، لكنها رأت كيف أن بعض النواب همه الأول افتتاح حدائق ومتنزهات وكأن الناس ستبيت ليلها فيها، وكيف أن البعض مشغول بالأخص في رمضان بالدورات الكروية، وأن بعضهم تغافل عن وصول النفط لسعر قياسي قبل سنوات ليطالب الدولة بتوجيه العوائد لحل مشاكل الناس، وفضل بأن يركز على منع نانسي عجرم من دخول البحرين والمناوشة مع وزيرة الثقافة والتطاحن مع بعضهم البعض.
بعد 12 عاماً، ليس المهم سؤال النواب عن رأيهم في أدائهم، وليس مهماً أبداً إجراء مقابلات معهم عن شعورهم وهم يغادرون المجلس، فبعضهم يضع رأسه على الوسادة ليلاً وقد سبقه إليها ضميره وإحساسه قبل أربعة أعوام، المهم سؤال المواطن، كل مواطن: هل أنت راضٍ عن أداء البرلمان؟! هذا السؤال المهم وما دونه غير مهم إطلاقا.
في 12 عاماً كان بالإمكان فعل الكثير، لكن من انتخبناهم لم يفعلوا، وأمام عجزهم والتهائهم بأمورهم الخاصة وأمور أخرى هي «قشور» بالنسبة للمواطن، باتوا يقولون بأن «الحكومة» و«الدولة» واقفة لنا وقفة! ونحن تعبنا ونحن نقول: «ولماذا لا تقفون لهم وقفة من أجل المواطن»؟! والله لو أنكم سجلت حالة استقالة جماعية واحدة لأجل مشروع يهم المواطن لذكره الناس لكم اليوم على أنه أعظم إنجاز حققه البرلمان، إنجاز فيه احترام للنفس ولصوت من انتخبكم.
12 عاماً من تحطيم آمال المواطن، ومن خداعه بوعود كاذبة، والآن نترقب القادم ونحن نريد أن نأمل بالأفضل، لكن للأسف المؤشرات كلها تشير بأن القادم سيكون أسوأ.
لسنا متشائمين، لكننا واقعيون، وتجربة 12 عاماً من لا يخرج منها واعياً ويكررالخطأ نفسه، هذا من يحتاج لأن يعالج نفسه ويصارحها، علّ وعسى يستنير ويهتدي!