التصريح المنسوب إلى أمين عام الوفاق الشيخ علي سلمان، والذي نشر أخيراً على بعض المواقع الإلكترونية المعتمدة من «المعارضة» كتعليق على الدعوى المرفوعة من وزارة العدل على جمعيته لتصحيح أوضاعها القانونية، يفهم منه إن ما تريده الوفاق هو أن تفرض تفسيرها الخاص لأي قانون، وأنه لا يهمها إن كانت الدولة توافقها على تفسيرها أم لا. فقد نسب إلى سلمان قوله «الجهات الرسمية تُخطر بالأمور الواجب إخطارها كنتائج المؤتمر، ولا يستلزم إعطاء المزيد من التفاصيل»، وأنه قال أيضا «تم تأسيس هيئة للانتخابات، والمعلومات المتدفقة إلى الهيئة تم نشرها في الصحافة»! وبالطبع لم يذكر من الذي يحدد الأمور الواجب إخطارها، لكن الواضح أنه يريد هذا الحق خاصا لجمعية الوفاق، ويريد أن يقول إن على وزارة العدل وعلى كل جهة في الدولة تصدر قانونا أن تعرف أن الوفاق تفسر القوانين على كيفها، وأنها غير ملزمة بأي تفسير آخر لها! فالوفاق هي التي تحدد المعلومات التي يجب رفعها للجهات الرسمية، وعلى هذه الجهات إن كانت تريد معرفة المزيد أن تتابع ما تتفضل الوفاق بنشره في الصحف أو عبر موقعها الألكتروني!
الكلام المنسوب لأمين عام الوفاق قاله في مؤتمر صحافي عقده في 21 يوليو الماضي، وذكر فيه إن «المعارضة» تلقت «عرضا شفهيا» حول تشكيل الحكومة، بحيث تتألف من ستة وزراء شيعة وستة وزراء سنة وستة وزراء من العائلة المالكة، وهو ما رد عليه وزير العدل بتغريدة على حسابه في «التويتر» قال فيها؛ إن الوفاق تلقت 666 «اسطار سياسي» على وجهها، معتبرا ذلك كلاما فاقد القيمة خصوصا وأنه -كما ذكر سلمان- كان عرضا شفهيا.
أما قول الأمين العام للوفاق في المؤتمر الصحفي نفسه بأن «المعارضة أصرت على مبدأ الانتخاب» وأنها أكدت أنها «تسعى لحل الأزمة بشكل شامل، لا يبقي شيئاً لينفجر بعد شهر أو شهرين» ففيه كلام؛ الأول عن أهمية التوصل إلى حل دائم وشامل لا يتضمن ما قد يؤدي إلى انفجار الأوضاع من جديد بعد حين يقصر أو يطول، وهذا أمر طيب ومطلوب، ولا أعتقد أن أحدا يختلف عليه بما في ذلك الحكومة، فعودة الأحوال إلى ما كانت عليه أمر لا يريده أحد.
أما الثاني والمتعلق بإصرار المعارضة على مبدأ الانتخاب فينبغي أن نكون أكثر وضوحا فيه، فالإصرار ليس من الوفاق ولا من الجمعيات السياسية الأخرى التي تنضوى تحت مسمى قوى المعارضة الوطنية، ولكنه من أولئك الذين اختاروا البقاء في الخارج وممن معهم في الداخل، ويعملون تحت راية إئتلاف فبراير، وممن يقف وراءهم جميعا، لأن الأكيد هو أن الوفاق «ميتة» على المشاركة في الانتخابات أيا كان شكلها وحجمها ولونها وطعمها!
هذه حقيقة ينبغي ألا تنكرها الوفاق ومن معها. قوى المعارضة الوطنية تقف موقفا سالبا من الانتخابات ومن كل مشروع تصالحي للحكومة لأنها تخشى أن تخسر الشارع ويضيع جهد السنوات الثلاث الأخيرة هباء.
الحكومة المنتخبة، عدا أنها غير ممكنة في هذه الفترة على الأقل لارتباط مثل هذا الأمر بحراك اجتماعي لا يمكن تغييره بقرار وبضرورة توفر الأرضية المناسبة له، فإنها ليست طلب هذه القوى، وإنما هي رغبة الأخرى المهيمن عليها من قوى ثالثة باتت معروفة.
رفض الوفاق ومن معها لكل مشروع تطرحه الدولة للخروج من الأزمة ليس تعبيرا عنها، ولا هي من يضع الشروط، ولكنها تفعل ذلك مرغمة كي لا ترفض وتلغى فتضيع، ذلك أنه «لولا الملامة» لأعطت موافقتها على كل ما يتيح لها الوصول إلى ما يعينها على «التكويش» على ما يشعرها بأنها أنصفت ولما ترددت عن إعلان ذلك.