قرار مهم جداً صدر أمس عن صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر حفظه الله، نشكره عليه جزيل الشكر كونه يصب في الاتجاه الصحيح للاستفادة من الكفاءات الوطنية المؤهلة في المواقع العليا للدولة.
القرار بشأن «تنظيم آلية التعيين في المناصب العليا في الجهاز الحكومي» وتشكيل لجنة «تنظيم التعيينات في المناصب العليا في الجهاز الحكومي»، ويتضمن مواد منظمة لعملية التعيينات والإحلال في هذه المواقع المهمة في الدولة. قبل التعليق على القرار من المهم المرور على مواده وآلية العمل وطريقة اختيار الكفاءات من المواطنين. القرار معني بمن يشغلون المناصب عبر صدور مراسيم عن جلالة الملك أو قرارات من قبل رئيس مجلس الوزراء، بحيث تدرس اللجنة الترشيحات بالتنسيق مع الجهات المعنية، وتقوم بإعداد الخطط بشأن التدوير وسد الشواغر، أيضاً دراسة الهياكل التنظيمية وتأثيرات الخصخصة وغيرها من إجراءات. والمهم أن التعيينات تكون بعد عملية تدقيق وتمحيص تضمن أن من سيوضع في هذه المناصب مؤهل لتوليها ويتميز بالكفاءة والمؤهل وأنه قادر على استيفاء المتطلبات وتحقيق الأهداف المرصودة. والنقطة الأكثر أهمية تلك التي تتعلق بمبررات وضع هذا الشخص أو ذاك في هذا المنصب أو ذاك. في معرض التعليق هنا، شخصياً أراه قراراً «رائعاً» ومسألة مطلوبة في إطار سعينا لتطبيق شعارات المشروع الإصلاحي وأهدافه وكذلك ما تلتزم به الحكومة من مساعٍ وأهداف إضافة لما تنص عليه أحد أهم بنود رؤية البحرين الاقتصادية 2030، وهنا أعني «وضع الشخص المناسب في المكان المناسب».
البحرين أحوج ما تكون اليوم للاستفادة من كفاءاتها الوطنية، ومنح كل مستحق لحقه في خدمة البلد، وأن توقف كل أشكال المحاباة والتمييز والواسطات والمحسوبيات بالأخص في تعيينات المراكز القيادية في الوزارات، والتي بعضها «وهذا أمر يعرفه الناس» يتم بناء على مزاج وزراء أو رؤية فردية بهم، وكثير منها لا تلقى قبولاً حتى داخل مواقع العمل.
لسنا نبالغ إن قلنا، بأننا لو رصدنا عمليات التعيين في كثير من القطاعات في السابق لوجدنا أن بعضاً منها يبعث على الاستغراب، بالأخص في بعض الوزارات. فما درج أن الوزير يرشح من يريده أن يكون مديراً هنا أو وكيلاً مساعداً وغيرهم، ولم تكن الأمور واضحة فيما إذا كانت هذه الترشيحات تمر بمرحلة تدقيق أو «فلترة»، وهذا ما يجعل الناس تتكلم، خاصة حينما يرون -على سبيل المثال- سكرتيراً في مكتب أحد الوزراء يتحول إلى مدير! أو يرون حتى موظفاً لا يمتلك المؤهلات يقفز قفزات غير طبيعية ليصل لمستوى عالٍ، وحينما تقرن كفاءته بالمنصب تضع يدك على رأسك.
لسنا نذكر حالات بعينها ولا مسؤولين بعينهم، لكننا نقول بأن هناك حالات تسجل، وهي تضعف من شكل النظام الإداري للدولة وتجعل الناس تشك في شعار «وضع الرجل المناسب في المكان المناسب».
لسان حال الناس كان ولايزال يردد بأن ما يجعل القطاعات تتراجع هو وجود عناصر تمثل بطانة غير صالحة للمسؤول، ووجودها في بعض المناصب ليس سببه كفاءتها بقدر ما هو رضا المسؤول عنهم وتقريبه لهم. بالتالي ما كنا نطالب به وبح صوتنا ونحن نقوله، هو أننا نحتاج للبحث عن المخلصين الأكفاء المتخصصين والقادرين ووضعهم في المناصب المناسبة التي من خلالها يمكنهم أن يطوروا من عمل القطاعات المختلفة.
أقول بأنه قرار رائع ويشكر عليه الأمير والد الجميع خليفة بن سلمان، خاصة وأن نشر الخبر في وسائل التواصل الاجتماعي استجلب ردود فعل طيبة من الناس، يشكرون فيها سمو رئيس الوزراء، وبعضهم قرن القرار الإيجابي بضرورة التطبيق الجاد والبدء بتفعيله على الفور.
ترتقي المجتمعات حينما تكون أدوات البناء قوية وقادرة على إقامة البناء، وهنا أدوات البناء هم الناس، وكلما كانوا مؤهلين وأكفاء وصالحين فإن البناء تقوى أساساته ويعلو ويعمر. نكررها مجدداً، شكراً لك يا سمو رئيس الوزراء، ونعم القرار الذي يثلج الصدور كونه خطوة تصحيحية على المسار الصحيح للارتقاء بعمل الدولة والحكومة.