على ما يبدو بأن قضية مدرب منتخبنا الوطني لكرة القدم الإنجليزي «أنتوني هدسون» فيما يتعلق بتقديمه لاستقالته واعتذاره عن مواصلة تدريب منتخبنا الوطني لكرة القدم في المرحلة المهمة القادمة من أجل الالتحاق بتدريب المنتخب النيوزلندي قد قسمت الشارع الرياضي لعدة أقسام كما قسمه التعاقد مع هدسون في البداية، حيث قسمت استقالة هدسون الشارع الرياضي البحريني قسماً شامتاً بالجهة المسؤولة عن التعاقد، وقسماً متحسراً على خسارة المنتخب للمدرب الذي لم يخسر معه المنتخب، وقسم مرتاح لرحيل هدسون لعدم الاقتناع به كمدرب على اعتبارهم له بأنه متدرب وليس مدرب.
القسمان الأخيران لهما قناعتهما التامة ولهما الحق في اتخاذهما القسم الذي يريانه سليماً، إما لما وجدوه منه كمدرب أهل ولم يهزم المنتخب معه في أي لقاء وهو ما يطمح له عشاق الأحمر بأن يواصل المنتخب دون هزيمة، والقسم الثاني الذي ارتاح راحة تامة من مغادرة هدسون نتيجة لعدم اقتناعهم بسيرته الذاتية كمدرب أو متدرب كما أطلقوا عليه كون منتخبنا الوطني هو المنتخب الأول الذي يدربه هدسون رسمياً وهو في سنٍ صغيرة، وكل له أسبابه وقناعاته، لكن القسم «الشامت» كما أحب أن أطلق عليه والذي لا يرتكز على أرض صلبة ولا مبدأ ثابت في ما يريده لم تكن أهدافه إلا تصفية لحسابات شخصية في اعتقادي المتواضع، حيث إن الكثيرين في مجتمعنا الرياضي يتبعون هذا المبدأ «الشماتة» لتصفية الحسابات فقط لا حباً أو تلبية لطموح، وغالباً يتبع هذا المبدأ من هو خارج المنظومة أو خارج الحسابات وهم من يعمل بالمثل الشعبي «فيها يا أخفيها»، أي بما معناه إن لم أكن ضمن المنظومة سأظل أعمل ضدها أو أتمنى الزلات لها!
لكن بالنظر لما قام به هدسون ومطابقته بالواقع على الرغم من أن ما قام به هدسون ليس سابقة وليست أول مرة تواجهها الساحة، فمن قبل ذلك كان الألماني بريغل والكرواتي ستريشكو والنمساوي جوزيف سبيرغر الذين رحلوا بعد أن كانت البحرين مجرد محطة عبور للأفضل بالنسبة لهم بالمقارنة بين ما كانوا يتلقونه مقابل تدريب منتخبنا الوطني، فما قام به هدسون يعتبر منطقياً وعقلانياً بالنسبة لرجل احترف التدريب ويبحث عن الفرصة الأفضل، وليس من المفترض أن يلقى اللوم على هدسون كمدرب أو كشخص بقدر ما يتحمل المسؤولون عن اللعبة المسؤولية تجاه مثل هذه الحالات المتكررة دون وجود أي خطوة استباقية أو شرط جزائي في العقود التي من المفترض أن تصاغ بشكل قانوني يحفظ حق الاتحاد واللعبة أيضاً، بدلاً من أن نكون عرضة لمثل هذه الحالات وتكرارها وكي لا نكون محطة مؤقتة لمن يريد أن يصعد على ظهر البحرين، لكي لا تكون البحرين نقطة عبور فقط.