ترى ما هو موقف القطاع الخاص من الخصخصة بشكل عام ومن عملياتها المتوقفة منذ حوالي سبع سنوات، هل يعبر هذا الموقف الصامت عن عدم اكتراث بسياسة التخصيص أو أسلوبه وأدواته وشروطه، أم أن ذلك يعود إلى المؤسسات والخدمات التي أعلن عن الرغبة في تخصيصها، والتي وردت قائمة بها في الاستراتيجية الاقتصادية (2009-2014).
هل لهذه السلبية من الخصخصة في البحرين علاقة بالتجارب السابقة التي جرى فيها خصخصة عدد من الشركات والمرافق سواء تلك التي حدثت في ثمانينات القرن الماضي أو بعد ذلك بعشر سنوات أو في أوائل القرن الحالي.
ففي معظم هذه الحالات كانت هناك انتقائية في اختيار الجهات التي تؤول إليها المشروعات التي يجرى تخصيصها، وتبدأ هذه الانتقائية من اختيار الجهات من داخل البحرين أو خارجها وإعلامها بأنه مطلوب منها شراء أو المشاركة في شراء المشروع الحكومي الفلاني، ومن ثم تحويل الملكية عليه أو عليهما، ومن تحديد السعر الذي بيع به المشروع وكيفية الدفع، أي أن الخصخصة تتم بالطلب والعلم بالشيء، وليس بالتقييم والاختيار ومعرفة الجدوى من الشراء.
الأمثلة على هذا النوع من الخصخصة التي جرت في العقدين الأخيرين من القرن الماضي، بل وبعد ذلك أيضاً، كثيرة أذكر منها على سبيل المثال فقط مشروعات شركة الروبيان، مصنع التمور، ثم تبعتها في سنوات لاحقة مشروعات وشركات أخرى، وفي معظم الأحوال كان لنفوذ الحكومة على الجهة التي يطلب منها شراء المشروع تأثير واضح على إتمام عملية البيع أو الخصخصة.
هل يعود لذلك عدم اكتراث القطاع الخاص بالخصخصة، سواء توقفت أو استمرت، شملت مشروعات ناجحة ومجزية، أم اقتصرت على مشروعات فاشلة وخاسرة الهدف في تخصيصها هو التخلص منها بالدرجة الأولى، وبالتالي فإن القطاع الخاص يريد أن يستثمر في مشروعات تحقق له عائداً لا أن تكبده خسائر.
أم يعود هذا العزوف إلى أن الخصخصة تحتاج إلى أن تستند على قانون وعلى أهداف ومبادئ، تعمل كلها على حفظ حقوق الجميع أثناء عمليات الخصخصة وبعدها، فالخصخصة لها أهداف اقتصادية واجتماعية تدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحقق العدالة بين الأفراد والجماعات عند تحويل وتوزيع الملكية الجديدة.
وقد توافق الأغلبية على أن أفضل أداة لتحقيق الخصخصة بعدالة من حيث الأسعار والملكية هي السوق المالية «البورصة» وهي الأداة التي لم تتبع في تاريخ الخصخصة في البحرين إلا مرة واحدة على ما أظن، وهي أداة تتعارض مع الانتقائية التي لا يوافق عليها القطاع الخاص ولا أي شخص يريد أن يشارك في عملية خصخصة.