مقترح جميل دعا إليه النائب المستقل أحمد الساعاتي من خارج مجلس النواب ونشره أخيراً عبر حسابه على التويتر، حيث كتب «يجب منع كلمات شيعة وسنة في الخطاب السياسي، وتجريم كل من يغلط على الطائفة الأخرى، وإلا سنصحو يوماً نرى فيه أبناءنا يتقاتلون على الهوية فنخسر الوطن المشترك».
إحدى المشكلات الطاغية اليوم هي تضمين مثل هذه المفردات في الخطاب السياسي. ما يحدث اليوم يشبه طريقة توظيف إذاعة البي بي سي لهذه المفردات في نشراتها الإخبارية، حيث تعودت أن تقول مثلاً «تم يوم أمس اعتقال خمسة مواطنين بحرينيين.. شيعة» و«توفي صبي.. شيعي برصاص الشرطة» و«قال فلان وهو سياسي.. سني»، في محاولة منها -ومعها إذاعات وفضائيات أخرى أجنبية- لتصنيف الناس وفق هذا التصنيف البشع وإيجاد ثغرة لمحاربة الشعب نفسه بنفسه، حيث القول إن المتوفى صبي شيعي يعني أن الشيعة عليهم أن يتخذوا موقفاً من السنة ومن الحكومة التي تصفها أيضاً بالسنية وأن ينتقموا، والقول إن السياسي الذي قال كذا ودعا إلى كذا سني يعني أن السنة عليهم أن ينحازوا إليه وعلى الشيعة أن يقفوا ضده.
هذا الخطاب المتخلف الذي لم يعد حكراً على هذه الإذاعات والفضائيات التي لها أجندتها الخاصة نرى اليوم نتائجه السالبة على أرض الواقع، حيث صار استخدام هذه المفردات أمراً عادياً في الخطاب السياسي المحلي بعد أن كان السائد استخدام عبارة «الطائفتين الكريمتين»، وبعد أن كان المتحدث يعتذر عن اضطراره لاستخدام مفردتي شيعة وسنة، بل صار عادياً اليوم سؤال الشخص بشكل مباشر عما إذا كان شيعياً أم سنياً (كان حتى وقت قريب يخجل الناس من توجيه مثل هذا السؤال إلى الشخص حتى بشكل غير مباشر).
اليوم يقول سين من السياسيين الشيعة إن المقصود من هذا القرار أو ذاك تضييق الخناق على الشيعة، ويقول صاد من السياسيين السنة إن فلاناً الشيعي يريد بأهل السنة سوءاً لأنه قال كذا أو فعل كذا، ولم يعد الخطباء في المساجد يترددون عن استعمال هاتين المفردتين رغم علمهم بأثرهما السالب ودور ذلك في شق الصف والتأثير على الوحدة الوطنية.
قبل أيام نشر قيادي من الوفاق رسوماً بيانية لإحصاءات حاول من خلالها دعم وجهة نظر جمعيته؛ وملخصها أن أعداد الشيعة الذين تم توظيفهم في فترة بعينها في الحكومة لا تزيد عن عشرين في المائة ممن تم توظيفهم، فهذه الجمعية تعتقد أن حل المشكلة البحرينية يكمن في المحاصصة.
لكن كل هذا في كفة وتقرير الخارجية الأمريكية الخاص بالحريات الدينية الأخير في كفة، ففيه من الأمور ما ينبغي أن يرفضه كل شعب البحرين لأن جل ما ورد فيه يعتبر تدخلاً في الشؤون الداخلية.
هنا مثال؛ إذا كان مفهوماً أن يذكر التقرير اسم خليل المرزوق باعتباره يشغل منصب مساعد الأمين العام لجمعية الوفاق، فإن ما ليس مفهوماً هو ذكر اسم «رادود» واعتبار احتجازه لبعض الوقت تمييزاً وتطاولاً على الشيعة ومثالاً للتضييق على الحريات الدينية والشيعة.
طبعاً ما يرمي إليه التقرير غير خاف وتم الإشارة إليه بوضوح في التقرير نفسه، حيث جاء فيه أن «استمرار التوتر الإقليمي بين السنة والشيعة والانقسامات السياسية التاريخية أثر على العلاقات بين المسلمين في البحرين»، ما يعني ببساطة أنه حان الوقت للتدخل لنصرة الطرف الذي صارت أمريكا تعتقد أنه مظلوم، وبالتالي فتح ملف لحرب جديدة بين الشيعة والسنة هنا على غرار الملف الذي فتح في العراق.
مقترح النائب الساعاتي مهم وعلى المعنيين دراسته واتخاذ القرارات التي تمنع استخدام مفردتي شيعة وسنة في الخطاب السياسي، فلعل وعسى!
{{ article.visit_count }}
إحدى المشكلات الطاغية اليوم هي تضمين مثل هذه المفردات في الخطاب السياسي. ما يحدث اليوم يشبه طريقة توظيف إذاعة البي بي سي لهذه المفردات في نشراتها الإخبارية، حيث تعودت أن تقول مثلاً «تم يوم أمس اعتقال خمسة مواطنين بحرينيين.. شيعة» و«توفي صبي.. شيعي برصاص الشرطة» و«قال فلان وهو سياسي.. سني»، في محاولة منها -ومعها إذاعات وفضائيات أخرى أجنبية- لتصنيف الناس وفق هذا التصنيف البشع وإيجاد ثغرة لمحاربة الشعب نفسه بنفسه، حيث القول إن المتوفى صبي شيعي يعني أن الشيعة عليهم أن يتخذوا موقفاً من السنة ومن الحكومة التي تصفها أيضاً بالسنية وأن ينتقموا، والقول إن السياسي الذي قال كذا ودعا إلى كذا سني يعني أن السنة عليهم أن ينحازوا إليه وعلى الشيعة أن يقفوا ضده.
هذا الخطاب المتخلف الذي لم يعد حكراً على هذه الإذاعات والفضائيات التي لها أجندتها الخاصة نرى اليوم نتائجه السالبة على أرض الواقع، حيث صار استخدام هذه المفردات أمراً عادياً في الخطاب السياسي المحلي بعد أن كان السائد استخدام عبارة «الطائفتين الكريمتين»، وبعد أن كان المتحدث يعتذر عن اضطراره لاستخدام مفردتي شيعة وسنة، بل صار عادياً اليوم سؤال الشخص بشكل مباشر عما إذا كان شيعياً أم سنياً (كان حتى وقت قريب يخجل الناس من توجيه مثل هذا السؤال إلى الشخص حتى بشكل غير مباشر).
اليوم يقول سين من السياسيين الشيعة إن المقصود من هذا القرار أو ذاك تضييق الخناق على الشيعة، ويقول صاد من السياسيين السنة إن فلاناً الشيعي يريد بأهل السنة سوءاً لأنه قال كذا أو فعل كذا، ولم يعد الخطباء في المساجد يترددون عن استعمال هاتين المفردتين رغم علمهم بأثرهما السالب ودور ذلك في شق الصف والتأثير على الوحدة الوطنية.
قبل أيام نشر قيادي من الوفاق رسوماً بيانية لإحصاءات حاول من خلالها دعم وجهة نظر جمعيته؛ وملخصها أن أعداد الشيعة الذين تم توظيفهم في فترة بعينها في الحكومة لا تزيد عن عشرين في المائة ممن تم توظيفهم، فهذه الجمعية تعتقد أن حل المشكلة البحرينية يكمن في المحاصصة.
لكن كل هذا في كفة وتقرير الخارجية الأمريكية الخاص بالحريات الدينية الأخير في كفة، ففيه من الأمور ما ينبغي أن يرفضه كل شعب البحرين لأن جل ما ورد فيه يعتبر تدخلاً في الشؤون الداخلية.
هنا مثال؛ إذا كان مفهوماً أن يذكر التقرير اسم خليل المرزوق باعتباره يشغل منصب مساعد الأمين العام لجمعية الوفاق، فإن ما ليس مفهوماً هو ذكر اسم «رادود» واعتبار احتجازه لبعض الوقت تمييزاً وتطاولاً على الشيعة ومثالاً للتضييق على الحريات الدينية والشيعة.
طبعاً ما يرمي إليه التقرير غير خاف وتم الإشارة إليه بوضوح في التقرير نفسه، حيث جاء فيه أن «استمرار التوتر الإقليمي بين السنة والشيعة والانقسامات السياسية التاريخية أثر على العلاقات بين المسلمين في البحرين»، ما يعني ببساطة أنه حان الوقت للتدخل لنصرة الطرف الذي صارت أمريكا تعتقد أنه مظلوم، وبالتالي فتح ملف لحرب جديدة بين الشيعة والسنة هنا على غرار الملف الذي فتح في العراق.
مقترح النائب الساعاتي مهم وعلى المعنيين دراسته واتخاذ القرارات التي تمنع استخدام مفردتي شيعة وسنة في الخطاب السياسي، فلعل وعسى!