- عشر سنوات عجاف لم تشهد الموصل استقراراً أمنياً مثل ما تشهده بعد اندحار جيش المالكي وهروبه مع قياداته، حيث أذاقت أهلها سوء العذاب، لا تكاد تسمع دوي انفجار ولا لعجلات مفخخة أو أحزمة ناسفة ولا لتصفيات أو اغتيالات ولا إهانة لكرامة مواطن، أسواق منتعشة، شوارع رحبة، نفوس مطمئنة، عدا الخدمات (الكهرباء والوقود والإنترنت) والتي قطعت عن الأهالي عقوبة لهم من الطاغية لاصطفافهم مع المنتفضين، فإن كانت انتفاضة الثوار إرهاباً وبهذه المواصفات فمرحباً به، فهو خير لأهلنا وباقي ربوع العراق من طاغية يدعي القانون ويختبئ تحت عباءته النتنة الطائفية والحقد والإجرام والفساد (مصنع كامل اكتشفه الثوار داخل مقر الفرقة الثانية في الموصل، والتي كانت تحت سيطرة جيش المالكي وبداخله العديد من العجلات المفخخة وقوائم بعناوين وأسماء من تم تصفيتهم أو في طريقهم للتصفية).
- دول العهر العالمي، وعلى رأسها أمريكا المجرمة، وبكل صلف ووقاحة ترخص الإرهاب لميليشيات الخامنئي والمالكي وبشار وحسن نصر اللاة وتضفي عليهم الشرعية لممارسة القتل والبطش بحق شعوبهم (إرهاب مرخص)، أما أن يتوحد المستضعفون من هذه الشعوب ويثورون على جلاديهم وحاكميهم فسرعان ما يلصقوا بهم تهمة جاهزة لإسكاتهم أو إبادتهم (إرهاب غير مرخص).
- الثوار والمنتفضون في العراق بحت حناجرهم وهم يؤكدون للعالم أن ثورتهم بيضاء لا تريد الانتقام ولا تؤيد أي شكل من أشكال الإرهاب، وخير دليل على ذلك عدم تعرضهم لأكثر من خمسة وسبعين ألف رجل من ميليشيات المالكي وجلهم من عشائر الشيعة، كان باستطاعة الثوار محاصرتهم وإبادتهم عن بكرة أبيهم، لكنهم آلوا أن يرسلوهم كطيور حمام إلى أهلهم حاملين معهم غصن زيتون.
- تم احتلال العراق من قبل أمريكا وثلاث وثلاثين دولة غازية بحجج واهية بمساندة ومباركة مرجعيات قم والنجف عام 2003، وذهبوا لأبعد من ذلك عندما حرموا مقاتلتهم كونهم محررين، ومذكرات رامسفيلد الشهيرة بدفع مائتي مليون دولار للمرجع السيستاني لم يفندها أحد بعد، واليوم ذات المرجع يصعقنا بفتوى إعلان الجهاد الكفائي لمقاتلة الأمة الإسلامية متمثلة بأكثر من مليار وربع المليار مسلم تحت مسمى طرد «داعش» المجرمة وحماية المقدسات؛ ألم يخبرك أحد يا سيد بأن جيش المالكي بجنرالاته وعدته وعتاده التي كلفت الدولة مليارات الدولارات تجهيزاً وتدريباً انهار واندحر، فكيف تفتي بتجنيد آلاف من البسطاء وهم مكشوفو الغطاء بغير تدريب مسبق أو أي علم بالقواعد والعلوم العسكرية ليواجهوا ثواراً ومنتفضين معهم خيرة ضباط وقيادات جيش العراق السابق، والذين همشهم المالكي برعونته وجهله بالسياسة، وخلق منهم أعداء ليهدموا أركان حكمه ويذهبوا بحلم دولة فارس.
- قادة العرب اليوم في حيرة من أمرهم، ولم تسعفهم جامعتهم العربية التي أصابها الكساح منذ أمد بعيد ولم تشف منه، وذهل مستشاروهم وعلماؤهم ومفكروهم وهم يبحثون عن جواب لسؤال بات لغزاً؛ من يقود الثورة في العراق؛ هل هم تنظيم «داعش» أم البعثيون أم ثوار العشائر أم العروبيون والقوميون؟ ليعلنوا بعدها موقفهم، وغفلوا أن إيران وأمريكا قد أنهت فصول المسرحية في ابتلاع المنطقة وتقاسم النفوذ وتنفيذ الخارطة الجديدة بعد تشييع الشرق الأوسط القديم إلى مثواه الأخير، وسرع في ذلك حكومة المالكي الطائفية بخبثها وعمالتها، لكن انفجار هذه الانتفاضة غير المتوقعة التوقيت والمكان قد قلبت الطاولة على رؤوسهم.
- تسمر جلنا أمام الفضائيات وصدعت رؤوسنا وتشنجت أكفنا وتعبت أناملنا من حمل الهواتف وقراءة ما يجري في العراق، نتلقى يومياً العشرات من «التويترات» ورسائل «الواتس آب» وباقي وسائل التواصل الاجتماعي، لكن المحزن هو طغيان الإعلام المؤيد لبطش المالكي ضد سنة العراق والعالم، فلا يقل عن أربعين فضائية عراقية، فضلاً عن عشرات الفضائيات العربية ومئات المواقع الإلكترونية، تحشد له ولمشروعه الصفوي في المنطقة، مقابل عدد خجول بالجهة المقابلة تنقل لنا بحيادية ما يجري على أرض الواقع وبطرح خجول ووجل، ومع ذلك شرع الطاغية بإسكاتها وغلق مكاتبها بإغراء الدول التي تبث منها، كما حصل مع فضائية الرافدين والبغدادية والحدث، فضائيات إيراميكا وبس والباقي لازم تخــرس!!