الاهتمام الكبير الذي توليه ثلاث دول حالياً، وهي البحرين والسعودية والإمارات بمحاربة الأفكار المتطرفة، والجماعات الأيديولوجية الإقصائية اهتمام لافت، ولكن لا يمكن أن تكون نتائجه فعالة دون أن يكون ضمن منظومة خليجية قادرة على اجتثاث الإرهاب من جذوره.
الولايات المتحدة عندما عانت من الإرهاب نتيجة أحداث الحادي عشر من سبتمبر خلال العام 2001 أعلنت بعدها حرباً عالمية ضد الإرهاب، وشاركت فيها معظم دول العالم، واستطاعت فرض أنظمة واتفاقات دولية من أجل مواجهة القاعدة وخلاياها المنتشرة في العالم.
ولكن دول الخليج التي عانت أيضاً من الإرهاب، لم تعلن حتى الآن حرباً خليجية ضد الإرهاب، ففكر ولاية الفقيه إرهاب، وفكر الإخوان المسلمين إرهاب أيضاً، وكذلك الحال بالنسبة للجماعات السياسية الأخرى.
مواجهة الإرهاب لا يجب أن تكون فردية، بل هي بحاجة لتنسيق وجهود جماعية من جميع دول الخليج العربية، فالقائمة الخليجية للمنظمات الإرهابية مطلب ملح، وكذلك استحداث الأنظمة الفعالة من أجل مراقبة الجماعات الإرهابية كذلك مطلب ملح، إضافة إلى تشكيل مركز خليجي لمكافحة الإرهاب أيضاً يعتبر من الأولويات.
هذه الأيام تمر ذكرى مرور ربع قرن على معاناة دول مجلس التعاون الخليجي للجرائم الإرهابية الحديثة، وهي تدفعنا إلى مراجعة كافة الجهود الخليجية طوال العقود الماضية لمواجهة الإرهاب. فهي لم تصل حتى الآن إلى مستوى الطموح، رغم إثبات الأجهزة الأمنية الخليجية قدرتها على مواجهة موجات الإرهاب المتعاقبة بكفاءة واقتدار. ولكننا نتحدث هنا عن الحاجة لآليات ومنظومات دائمة قادرة على اجتثاث الأفكار الإرهابية باستمرار والحد من تأثيرها على المجتمعات، وسبب ذلك أن هناك قوى إقليمية ودولية تستغل الجماعات التي تتبنى أفكاراً متطرفة وتمارس أعمالاً إرهابية من أجل تحقيق مصالح لها مرحلياً أو حتى على المدى البعيد.
مدخل مهم للقوى الإقليمية وكذلك الدولية التي تسعى لتغيير الأنظمة السياسية الحاكمة في الخليج العربي، وتحاول إعادة رسم خريطة منطقة الشرق الأوسط هي الجماعات التي تتبنى أفكاراً متطرفة لأنه يمكن التحكم فيها بسهولة، ويمكن دعمها وتشجيعها من أجل التغيير على المديين المتوسط والبعيد. وبالتالي إذا استمرت هذه الجماعات في نشاطها، فإنها ستكون عاملاً من عوامل عدم الاستقرار، وستصبح أداة لإثارة الصراعات السياسية والأمنية في المنطقة خلال المستقبل القريب.
الحرب الخليجية ضد الإرهاب ليست فكرة نظرية، بل هي حاجة عملية لا تحتمل التأجيل أكثر.