نهاية الأسبوع الماضي دار بيني وأحد الزملاء الصحافيين حديث مطول حول تنظيم داعش ومستقبل هذا التنظيم وتأثيره على منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي تحديداً. واستعرضنا مشاهد الدم التي كونتها داعش حتى دفعت الزميل للقول تعليقاً على قساوة داعش اليوم «واحسرتاه على القاعدة»!
اشتمل الحديث عن احتمالات تمدد داعش جنوباً، وتحديداً دخولها إلى أراضي كل من السعودية والكويت، وتطرق أيضاً إلى خلفيات هذا التنظيم وعلاقاته بتنظيم القاعدة، ومن الأسئلة المهمة التي طرحت في النقاش هو متى يضرب هذا التنظيم عسكرياً؟
لم تمض سوى أيام قليلة حتى أعلن الرئيس الأمريكي موافقته توجيه ضربات عسكرية لتنظيم داعش في العراق فقط وذلك من أجل حماية الأقليات والمدنيين في الأراضي العراقية، وجاء ذلك بعد مشاهد تهجير مجموعة من الأقليات ومن بينها الأقلية المسيحية من بعض المناطق، وهجرة بعض العائلات المسيحية العراقية إلى دول الجوار، ومن بينها البحرين.
داعش التنظيم الذي ينظر إليه الكثيرون على أنه تنظيم غريب غير معروف من الذي يدعمه، هو في النهاية تنظيم متطرف بدأ بتأسيس ما أسماه بدولة إسلامية في العراق وبات يمثل خطراً وتهديداً حقيقياً على المنطقة.
مقارنة بتنظيم القاعدة، فإن هذا التنظيم المضروب يختلف عن داعش في طريقة الانتشار الجغرافي، فالقاعدة منذ الجهاد الأفغاني عملت على تكوين مجموعة خلايا منتشرة في عدد من البؤر التي اعتقدت أنها مناسبة لها، وأنه يمكن الاستفادة منها مستقبلاً، وبالتالي القاعدة اعتمدت على النظام اللامركزي في بسط نفوذها السياسي. أما داعش فإن وضعها يختلف، رغم أنها ظهرت من الصراع الأهلي الدائر منذ سنوات في الأراضي السورية، حيث يعتمد هذا التنظيم على الأسلوب المركزي في مد النفوذ، وبالتالي ليس مهماً لدى داعش أن تكون لديها خلايا في عدد من الدول، بقدر ما يهمها الانتقال من مرحلة التنظيم إلى مرحلة تأسيس الدولة، وهو ما تمكنت منه عندما أعلنت قيام الدولة الإسلامية في العراق وتنصيب أحد قادتها المغمورين «خليفة للمسلمين».
التنظيم الإرهابي المتطرف من السهولة بمكان ضربه إذا تمركز في رقعة جغرافية معينة، لذلك فإن ضرب داعش التنظيم ممكن جداً ميدانياً، بخلاف تنظيم القاعدة التي يعتمد على شبكة معقدة وموزعة جغرافياً في مناطق واسعة من العالم.
وإذا كان التدخل العسكري الأمريكي قد جاء متأخراً، فإنه جاء لا ليخدم الأمن الوطني العراقي، بل جاء ليحقق مجموعة مكاسب لن تستفيد منها سوى حكومة المالكي، ولن تتوقف الضربات العسكرية الأمريكية ضد داعش إلا إذا حققت واشنطن أهدافها هناك.
هذا ما فعلته واشنطن؛ فماذا فعلت دول مجلس التعاون الخليجي لمواجهة داعش؟
مجرد سلسلة تصريحات رسمية، ونشر قوات عسكرية ومراقبة أمنية على الحدود مع العراق، ولم تتخذ بعد إجراءات فعالة داخل المجتمعات الخليجية من أجل اجتثاث الخلايا الخاصة بتجنيد كوادر داعش. لذلك إذا كان التدخل العسكري لمواجهة داعش في العراق أمراً حتمياً، فلابد أن تكون دول مجلس التعاون طرفاً فيه، إذ لا يعقل أن يمتد خطر هذا التنظيم المتطرف إلى مياه الخليج ودوله مشغولة بالتحذيرات والمراقبة والإعلان عن الخطط. بل الحاجة ملحة لأن يكون هناك تعاون خليجي مشترك لمواجهة خطر داعش.