في تصنيفات القوة لدى المجتمعات المتقدمة، نجد موقعاً مميزاً للإعلام بوسائله المختلفة سواء الرسمية من صحافة وتلفاز وراديو، أو غير الرسمية من وسائل تواصل اجتماعي. تضع هذه الدول القوة الإعلامية في مصاف متقدم حتى عن أنماط القوى الأخرى، سواء العسكرية أو الاقتصادية أو الدبلوماسية، فالإعلام سلاح قديم متجدد، من يعرف التعامل معه يمكنه أن يطوع كثيراً من الأمور لصالحه.في الفوضى التي شهدتها المنطقة العربية، تم استخدام الإعلام بصورة فاعلة، واستحدثت مفاهيم جديدة بسبب الاستخدام المكثف لوسائل الإعلام، بل أحنت كثير من الممارسات على صعيد الدبلوماسية بالأخص رأسها للإعلام وحاولت التأقلم مع متغيراته.في البحرين كانت الحرب إعلامية أكثر منها على أرض الواقع، شوهت صورة البلد إعلامياً، وسيقت الادعاءات والأكاذيب سوقاً في الواقع الافتراضي وعبر شبكات الإنترنت وفي القنوات بالاعتماد على الإعلام.كان ومازال سلاحاً أدركوا حجم تأثيره وقوته فاستغلوه واستفادوا منه لدرجته القصوى، وهو ما مكن فئة صغيرة من تهويل الواقع وتصويره للخارج على أن ما يحصل في البحرين مسألة وقعها أقوى تأثيراً من إسقاط قنبلة ذرية.كل ذلك بالإعلام واستخدام وسائله المختلفة، وهي ممارسة مازالت تستمر إلى اليوم ونرى مدى تأثيرها على مزاج المجتمع، وكيف أنه باستخدام وسائل الإعلام أصبح الكائدون لهذا الوطن يبثون بشكل دوري إشاعات وفبركات هدفها زعزعة استقرار البلد، وتحديداً على صعيد الثقة الموجودة بين الدولة وشرائح المواطنين المخلصين.في مقابل هذه الموجة، كان هناك إعلام وطني مارس دوره بقوة، ووقف يدافع عن بلده ورموزها والأمور الإيجابية والصحيحة فيها من ممارسات وتطورات هي نتيجة المشروع الإصلاحي لجلالة الملك. بل كان للإعلام الوطني كلمته في التصدي للأكاذيب التي سيقت والفبركات التي اختلقت، بحيث ساهم في تعديل الصورة المغلوطة وبيان أن من حاولوا الاستفراد بالساحة والتأثير على آراء الغرب هم من استغلوا الإعلام ليخدموا أجندتهم، وهم من أساؤوا لمفاهيم الإعلام ومهنته ورسالته حينما خلطوا هذه المبادئ بأجندات خاصة ولأهداف مسيئة لأوطانهم.بين 2011 و2014 تغيرت كثير من الأمور؛ فشلت محاولة انقلابية صريحة، كسرت شوكة من أراد السوء للوطن وقيادته والمخلصين من أهله، تحولت المسألة من مرحلة صد لاعتداء، إلى محاولة رأب الصدع والشرخ الكبير الذي حصل، منحت فرص لمن أساء عله يرتدع، فزاد الطغيان والعزة بالإثم، اختلطت الأمور فبات الناس يرون حالات يتضح فيها أن القانون لا يطبق على من يسيء له، في المقابل بات المخلصون والثابتون على الحق في موقع التهديد.وسط كل هذه المعمعة طال الإعلام الوطني تأثير محاولة «استتابة» الانقلابيين، بات الإعلام الوطني هدفاً لبعضهم وتجدد المطلب الذي أطلقوه في الدوار مساومة للدولة بتقييد الإعلام الوطني والأقلام المخلصة بل ومنعها من توجيه النقد لمن يتربص بالبلد ووقف كشفها لمخططاتهم ونواياهم المضمرة تجاه البلد، بل ومحاولة التضييق عليهم حتى لا يستمروا في ممارسة الضغط على بعض أجهزة الدولة حتى لا تضعف، وحتى لا يستمروا في لم شمل المخلصين وتوحيد كلمتهم بشأن ثوابت الوطن ومعايير الصواب والخطأ، لأن في وحدة صف المخلصين تهديداً لمساعي وأهداف المغرضين.من أساؤوا للبحرين أدركوا أهمية الإعلام وقوته، بالتالي يمكن ملاحظة كيفية تعاطيهم معه بشكل واضح، فهم رغم الادعاء بأنهم يحاولون التفاوض مع الدولة تحت اسم «الحوار»، هم في نفس الوقت لم يغيروا من نمط تعاطيهم مع الإعلام، بالتالي تراهم يجلسون في اجتماعات ويتعاطون مع المتغيرات بينما آلتهم الإعلامية تعمل بنفس القوة والوتيرة، بينما محاولات التضليل والتضخيم والفبركة مستمرة في نفس القنوات وبنفس الهجوم الشرس على البحرين. هم لم يغيروا أسلوبهم، في وقت يطلبون فيه من الدولة أن تغير أسلوبها مع إعلامها الوطني بأسلوب التضييق والتحجيم.الإعلام الوطني المخلص يمر بمرحلة استهداف هي ليست وليدة اللحظة، بل هي بدأت منذ انطلاقة عملية الانقلاب، والهدف هو قتل كل صوت يدافع عن تراب البحرين وثوابت الدولة ورموزها.هنا على الدولة أن تعي خطورة الموضوع، لا يعقل أبداً أن نأتي بعد ما مرت به البلاد من محاولة اختطاف وتداعياتها لأن نخاطر بتسليم وتعطيل أقوى سلاح كانت له تأثيراته الواضحة فيما تعرضنا له، لا يعقل بأن نقبل بتقييد الإعلام الوطني بأنواعه وأشكاله، فقط لأن الانقلابي يتضرر منه، وفقط لأن هذا الإعلام ذنبه هو الدفاع عن البلد وقيادته وشعبه، وهذا ما يزعج الكارهين للبلد.ليست من النجاعة أن نكسر قوتنا الإعلامية، هذا الإعلام المخلص لا يجب أبداً أن يدخل في إطار عملية مساومة أو صفقات تراض أو محاولات تفاهم. لأن هذا الإعلام أبداً لم يكن ضد الدولة محرضاً عليها شاتماً لها مشوهاً لصوتها، بالتالي لا يقبل أبداً أن تتم مساواته بإعلام أصفر شغله الشاغل كيف يتفنن في تشريح البحرين والطعن فيها وبرموزها.- اتجاه معاكس..ما أثلج الصدور أمس هي عودة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء حفظه الله من زيارته الخارجية، والمفرح هو استقباله على الفور رجال الصحافة والإعلام والكتاب وحملة الأقلام الوطنية وتأكيده على الدور المهم الذي يلعبونه في الدفاع عن بلادهم أمام موجة عارمة من الاستهداف.خاطبنا سموه وشرحنا له ما تكشف لنا مؤخراً من محاولات ضغط وتأثير على الصحافة الوطنية، وكيف أن هناك من يريد خنق الصوت الوطني وإبعاده عن أداء دوره في النقد وبيان الأخطاء والتصدي لعرابي التحريض والإرهاب.وطبعاً كعادته خليفة بن سلمان هو ضامن حرية الكلمة والواقف بقوة مع كل مخلص وشريف في هذا البلد، وهو الذي أكد وجدد تأكيده يوم أمس على حمايته للصحافة الوطنية التي تدافع عن بلدها، وأن التاريخ لا ينسى دور الصحافة الوطنية وأصحاب الرأي وحملة الأقلام في تلك المرحلة المؤسفة التي مرت بالبحرين التي حفظها الله بفضله وثم بفضل وقفة أبنائها المخلصين.الشكر موصول لأسد البحرين، وستظل الصحافة المخلصة تنبض بالولاء والحب لهذا الوطن مهما حاولوا تقييدها وحتى قتلها. هي سلاح قوي من أسلحة الوطن، ومن الجنون كسرها أو المساومة عليها.