عندما تنظر الدول العظمى والمنظمات والمجتمعات الدولية بعين واحدة نحو الإرهاب والاحتلال الصهيوني لفلسطين والغزو بشتى أشكاله وأنواعه على الدول الفقيرة ودول العالم الثالث، تدرك تماماً بأن كل المواثيق الدولية والمعاهدات التي وقعتها وأجبرت باقي الدول لمسايرتها بطريقتها الخاصة، ما هي إلا تواقيع حبر على ورق، وأن كل ما تنادي به هذه الدول والمنظمات من ديمقراطية وحرية ومساواة، ليس كذلك بل هي نفسها لا تؤمن بما تقول وتخاف من الديمقراطية والحرية وتخاف أيضاً من الكيان الإسرائيلي بكل أشكاله، الذي كون التعاضد الشيطاني فيما بينهم، وكانت الشراكة لتجسيد طقوس الإرهاب في كل مكان.
فلسطين العربية مثال أزلي لفشل الدول الكبرى والمجتمعات الدولية لما ينادون به، فلسطين هي مثال حي لجرائمهم وتآمرهم ليس على العروبة والإسلام وإنما على الإنسانية، فأفعالهم لا تتماشى مع ما ينادون به ويعرضونه للعالم من مبادئ ومثالية للحقوق والحريات، فما دامت إسرائيل لا تدان لقتلها الأبرياء وسفك الدماء وترهيب الأبرياء من الأطفال والنساء والمدنيين وعلى أنها مجرمة حرب، ومغتصبة منذ سنين لدولة عربية، فسلام على أرواح العرب، بعد الانتهاكات لحقوق الإنسان والحقوق المدنية.
منْ منَ الدول والمجتمعات الدولية بكل منظماتها التي تنادي بحرية المرأة وبحقوقها المتعددة، ينظر اليوم للمرأة الفلسطينية على أنها قد انتهكت حقوقها الإنسانية؟ ومن منهم ينظر إلى المرأة الفلسطينية هناك في فلسطين وفي المخيمات على أنها امرأة كسائر النساء في العالم؟ منْ من هذه الدول والمنظمات في كل مكان والتي تشغلها هموم المرأة العربية ينظر بأن المرأة -هناك في فلسطين- تتعرض للإهانة والمضايقة والإرهاب وسوء المعاملة وجميع أنواع العنف؟ فأين تلك المنظمات لتنصرها وتقف معها وتحررها من همها ومخاوفها ومن الاضطهاد اليومي التي تمارسه إسرائيل عليها؟
أين تلك المنظمات الدولية التي تناصر الإرهاب في البحرين منذ 2011 ولم تلتفت للنساء والأطفال والشيوخ والشباب العزل في فلسطين؟ أين تلك الجمعيات الأهلية عن نساء وأطفال فلسطين، والتي لم تنفك هذه الجمعيات والجمعات عن تشويه البحرين في الخارج، والتي تدعي كذباً انتهاكات الحكومة لهم وممارسات غير إنسانية عليهم، فالإرهاب الحقيقي هناك في فلسطين يمارس في كل لحظة على يد الكيان الإسرائيلي، منازل ومساجد تهدم وأراضٍ تغتصب، لا اقتصاد لا أراضٍ زراعية لا خدمات، سوء تغذية لا مرافق صحية قساوة ما بعدها قساوة، فحقوق المرأة تغتصب بانتهاك الاحتلال الإسرائيلي للاتفاقات والمواثيق الدولية الخاصة بالمرأة تحت الاحتلال وفي أوقات الحروب، فقذائف الاحتلال شاهدها العالم أجمع، وجهت وبشكل مقصود للمرأة والطفل، العدو دوماً لا يميز من المسلح والأعزل ولا المرأة والطفل.
المرأة في كل مكان وفي كل زمان هي مثال للصمود والتضحية، هي قدوة في الصبر والتحمل القادرة على تكون الأم والأب والأخت والأخ والزوجة في آن واحد، هي الكفاح والنضال والسلام، وصبرها يفوق كل معايير الصبر. وها هي المرأة الفلسطينية نجدها مثالاً حياً للعالم، فكم من بيت هدم أمام عينها، وكم من فرد من أسرتها استشهد بين ذراعيها، وكم من ابن وأخ وزوج أسر لسنين ظلماً في سجون إسرائيل.. فأي صبر بعد تشتت الأسر ومعاناة الذل وقسوة الحياة سواء داخل فلسطين أو في المخيمات، وأي قلب يتحمل كل يوم اغتصاب وطن، ومع ذلك كله ومع هذه القسوة والمعاناة تمضي المرأة الفلسطينية بخطى واثقة لأن تبقى هي ومن تبقى من أسرتها مرفوعة الرأس، تعلم أبناءها حب الوطن وتغرس فيهم الهوية العربية وتحثهم على العلم والتعلم، وتعلمهم بأن الإنسانية ليست كلمات تكتب في مواثيق وتطوى، وأن المرأة بالرغم من ألمها ومعاناتها تبقى قانعة بأنها الكيان الجميل في الأسرة والمجتمع، وهي تدرك يقيناً بأن الأرض المحتلة ستعود يوماً بإذن الله إلى أصحابها؛ الشعب الفلسطيني العربي.