في نقاش ساخن جمع مجموعة من رؤساء التحرير البحرينيين حول قضايا محلية قال أحدهم محتداً: «ليس لدي أي مشكلة مع الوفاق أو مع عيسى قاسم وغيرها من الجماعات التي طالبت بإسقاط النظام، وليست لدي مشكلة في أن توصف الوفاق والجمعيات السياسية المتحالفة معها بأنها قوى المعارضة، ولكن مشكلتي الأكبر أني لا أقبل الكذب من السياسيين ورجال الدين، فهؤلاء احترفوا الكذب على الجماهير والرأي العام في الداخل والخارج وهو أمر ليس مقبولاً تماماً».
وجهة نظر رئيس التحرير ليست بعيدة اليوم عما اعتاد عليه البحرينيون منذ ثلاث سنوات، فهم اعتادوا متابعة الفبركات المستمرة لجماعات ولاية الفقيه التي باتت مكشوفة، سواءً في التصريحات أو الأخبار أو البيانات أوعبر شبكات التواصل الاجتماعي أوالصور أوالمقاطع التلفزيونية.. إلخ.
وفي السياق نفسه، فإن البحرينيين أيضاً لم يتوقعوا في يوم ما أن يتابعوا فبركات «الحليف الاستراتيجي»!
من الصعوبة بمكان تحديد من الذي سبق الآخر في أنشطة الفبركة؛ هل الجماعات الراديكالية في البحرين أم الولايات المتحدة الأمريكية؟
آخر أنشطة الفبركة الأمريكية ظهرت قبل عدة أيام عندما ظهرت النسخة الجديدة من الدليل التجاري للشركات الأمريكية حول البحرين الذي يصدره مكتب الشؤون الاقتصادية والتجارية بوزارة الخارجية الأمريكية، حيث تضمن التقرير معلومات خاطئة ومغلوطة، أشار فيها إلى أن معدل البطالة في البحرين بحسب تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ما بين 15 ـ 20 بالمائة، ويصل في بعض ما أسماها بـ «القرى الشيعية» إلى 30 بالمائة.
الدليل الأمريكي المفبرك صدر قبل نحو شهرين (يونيو الماضي)، وتضمن نسبة البطالة التي أعلنتها حكومة البحرين وهي 4.8 بالمائة، وعملياً تم التشكيك في هذه النسبة بإيراد تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. فهل تقديرات البرنامج الأممي صحيحة ودقيقة؟
لا يوجد أي تقرير أصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حول البطالة في البحرين تضمنت الأرقام التي ذكرها الأمريكان في تقريرهم. فعلى سبيل المثال تقرير التنمية البشرية الذي أصدره البرنامج للعام 2014 (صفحة 200) تضمن أرقاماً حول البطالة في المملكة وهي أن المعدل العام للبطالة يصل إلى 1.1 بالمائة، أما بطالة الشباب فتصل إلى 5 بالمائة فقط، ومن الأسباب التي أدت إلى هذه الأرقام أن البحرين مصنفة من بين الدول ذات التصنيف العالي في التنمية البشرية.
بالرجوع إلى تقارير سابقة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي فإننا نجد تقرير العام 2010 الذي يراجع أهداف الألفية الجديدة يقدر البطالة في البحرين بنسبة 4 بالمائة استناداً إلى تقديرات وزارة العمل. أما التقرير الأول لمراجعة أهداف الألفية حول البحرين (صدر في أكتوبر 2003) فتضمن أرقاماً تتحدث عن البطالة في البحرين وهي: 14.8% في العام 1991، و12.7% في العام 2001، و10.1% في العام 2003.
الأرقام التي أوردها الأمريكان حول البطالة في البحرين لم تذكر قط في تقارير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بل تمت فبركتها من قبل جهات قد تكون السفارة الأمريكية بالمنامة واحدة منها وهي التي اعتادت على تحريف الكثير من الحقائق والبيانات حول البحرين، وظهرت في التقارير الدورية التي تصدرها الخارجية الأمريكية بين وقت وآخر.
الفبركة الأمريكية قد لا تكون فبركة إذا استندت الخارجية الأمريكية على بيانات جهاز الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) والتي ذكرت أن البطالة في البحرين تصل إلى 15%!
غداً نواصل الحديث حول تحوّل الفبركة الأمريكية إلى خدعة تضليل للرأي العام البحريني.