تعليقاً على واحد من مقالاتي الأخيرة كتب قارئ رمز إلى اسمه بـ «بوعبدالعزيز»ما ملخصه أن القراء ملوا من الحديث عن الوفاق ورموزها وأنه يرى ضرورة الكتابة عن «مجازر تنظيم داعش والناس الجدد الذين يهددون أمن البحرين ومزقوا جوازاتهم البحرينية والبطالة المتفشية والعنوسة وسوء الخدمات والغلاء وندرة السواحل ونحن في جزيرة، وعن المتقاعدين والهيئة العامة لصندوق التقاعد الذي سوف يوزع «بونس» على المدراء والموظفين بنسبة راتبين وثلاثة وأربعة من أموال المتقاعدين، خاتماً تعليقه بالقول «ما يهمني الآن هو العنصر البحريني الذي يتذمر من كل شيء، ماذا يفيدني الكتابة عن المعارضة وسلميتها وإرهابها وقال فلان وقال علان؟».
ملاحظة يشكر القارئ الكريم عليها، وتوضيحاً أقول إن الموضوعات التي يرى ضرورة الكتابة فيها لا تغيب عن «الوطن»، وإن غاب أكثرها عن هذه المساحة، ذلك أن لكل كاتب مجال محدد يهتم بالكتابة فيه، ومقالي منذ أن بدأت أعمال التخريب والفوضى بسبب قصر نظر البعض يهتم بتناول تطورات الشأن السياسي المحلي، وليس الموضوعات الاجتماعية التي يتولى أمرها زملاء لهم قدراتهم المتميزة في طرحها ولفت انتباه المسؤولين إليها، وعليه فإنه لا مفر من الحديث عن الوفاق وغيرها من الجمعيات السياسية والتعليق على كل تطور في الساحة السياسية المحلية إلى أن تهدأ الأحوال وتستقر، ولا يكون هناك حاجة للحديث في هذا الملف.
ملاحظات أخرى تردني من قراء آخرين أعتز بهم جميعاً، بعضها يتحفظ على استخدام صفة «الشيخ» عند الإشارة إلى بعض رجال الدين ممن صاروا يعملون في السياسة، وخصوصاً أسماء بعينها، وبعضها يلومني على استخدام كلمة «المعارضة» ووصف «المعارضة» بهذه الصفة، وهذا وذاك يكرر دعوته إلى عدم استخدام هذه الصفات مفضلاً عدم وصف بعض رجال الدين بها ونافياً وجود معارضة في البحرين، وبين هذا البعض وذاك بعض ثالث يدعو إلى التركيز على ما يراه هو صحيحاً من وجهة نظره.
بالتأكيد أحترم كل الآراء ووجهات النظر، وأعرف جيداً الأسباب التي تدعو إلى التحسس من إسباغ هذه الصفة أو تلك على البعض، ولكن عدم استخدامها لا يعني أنهم تجردوا منها أو أنهم لم يعودوا شيوخ دين لأن هذه صفتهم وهي لاصقة بهم، ويعرفون بها في المجتمع وعدم استخدامي أو استخدام الكتاب لها لا تنقصهم شيئاً مثلما أن استخدامنا لها لا تزيدهم شيئاً.
اختلافي مع الآخر لا يعني تجريده من صفته أياً كان فعله وسلوكه ومواقفه، تماماً مثلما أن التوقف عن استخدام لفظة معارضة لا ينهي المعارضة لأنها موجودة، سواء اتفقنا معها أو اختلفنا، ولولا أنها تخالف السائد ولها مواقف معارضة لما اعتبرت معارضة.
أمر آخر ينبغي أن ننتبه له هو أن التقليل من شأن الآخرين -أياً كانوا وأياً كانت درجة اختلافنا معهم- يضر بوطننا ولا ينفعه وإن صار سبباً لتخفيف الضغط النفسي الذي يعانيه الواحد منا.
المعارضة معارضة، ولن تكون شيئاً آخر لو وصفتها بوصف آخر أو شتمت المنتمين إليها أو قللت من شأنهم، ورجل الدين في مجتمعنا يقال له شيخ، وهو لن يكون شيئاً آخر لو لم أصفه بهذا الوصف أو وصفته بوصف آخر سعياً للتقليل من شأنه.
نحن نمر بمرحلة جديدة مليئة بالمبشرات، ووصف كل شخص بصفته والصفة التي هو معروف بها يقرب المسافات بيننا ويخفض مستوى التوتر ويوفر مساحة مشتركة نحتاجها في هذه الفترة بشكل خاص. لذا فإنني أنتهز هذه الفرصة لأدعو الجميع إلى التوقف عن كل قول وفعل يبعدنا عن بعضنا البعض ولأقول إن الدولة مقبلة على خطوات مهمة من شأنها أن تغير المشهد المحلي بشكل لافت.