مع انشغال الرأي العام الدولي اليوم بالتطورات الميدانية الجارية في المنطقة الممتدة من سوريا شمالاً إلى العراق جنوباً، والتي تنشط فيها الجماعات السياسية المتطرفة، لا ينبغي نسيان التطرف والإرهاب الآخر، وهو تطرف أيديولوجيا ولاية الفقيه وفكر وممارسات حزب الله الإرهابي وما يرتبط به من تنظيمات متجذرة ومنتشرة في بلدان الشرق الأوسط.
لنتحدث أولاً عن الغرب، فإشكاليته منذ نهاية الثمانينات أنه ربط الجهاد ثم التطرف وبعدها الإرهاب بالأغلبية السنية التي تعيش في المنطقة. وبمرور الوقت صار الهدف هو كيفية الحد مما يمكن تسميته بـ»الإرهاب والتطرف والجهاد السني»، ولذلك ظهرت الكثير من التصورات بهدف حماية المصالح الاستراتيجية الغربية في المنطقة.
في ذلك الوقت لم تخلُ المنطقة من تطرف وإرهاب شيعي أيضاً قادته إيران بعد الثورة الخمينية 1979، ولكن هذا التطرف والإرهاب تم تجاهله غربياً بشكل كامل، رغم أنه استهدف في أوقات كثيرة المصالح الغربية والمواطنين الأجانب المقيمين في دول الخليج العربية مثلاً.
التركيز على التطرف السني، وتجاهل التطرف الشيعي كوّن صورة نمطية غربية تقوم على ضرورة مواجهة التطرف السني لأنه الخطر الحقيقي على منطقة الشرق الأوسط والمصالح الغربية. لذلك لم نسمع خلال الشهور العشرة الماضية من يتحدث في الغرب عن مخاطر حزب الله وأنشطته المشبوهة ودوره في زعزعة الأمن والاستقرار. بل تركز الحديث عن التطرف والإرهاب السني الذي قادته جماعات مثل داعش والنصرة وحتى الإخوان المسلمين في بعض الدول.
عربياً وخليجياً، الصورة مازالت غير واضحة، فهناك دول مهتمة بمحاربة التطرف والإرهاب السني أكثر من اهتمامها بمحاربة التطرف والإرهاب بكافة صوره وأشكاله ومصادره. لذلك نجد التطرف والإرهاب الشيعي بعيداً عن دائرة الاهتمام في السياسات وحتى الخطاب السياسي.
القاعدة الأساسية للتطرف والإرهاب هي أنه لا مصدر له ولا دين ولا مذهب ولا حتى عرق. وبالتالي محاربة التطرف والإرهاب تشمل كافة أشكاله وصوره، ولا تقبل التجزئة في التعامل والأحادية في الطرح نهائياً.
من مسؤولية الدول العربية والخليجية التي تواجه جماعات متطرفة ألا تميز في المحاربة والاستهداف بين جميع التنظيمات والأيديولوجيات، فالتطرف أينما كان، وكيفما كان مرفوض ويجب اجتثاثه من جذوره.
وحتى الأمم المتحدة التي اتخذت قرارات متأخرة لمواجهة التطرف المتنامي في الشرق الأوسط لاستهداف داعش والنصرة، كان من الأولى أن يشمل استهدافها جماعات أخرى متطرفة مثل حزب الله الإرهابي وكافة التنظيمات المرتبطة به في المنطقة.