لماذا خص علي سلمان المصريين بالتهديد بإرسالهم في توابيت؟ وماذا كان يقصد حين قال إن «صدام أعاد المجنسين من المصريين في توابيت، وهذا خيار غير مطروح عند المعارضة»؟ هذا هو علي سلمان الذي كما يبدو لم يتعاف بعد من صدمة طرده من قبل المجلس الأعلى للثورة في مصر في أكتوبر 2012 هو وأعضاء من جمعيته ورفضهم مقابلته، والتي على أثرها أصدر البيان المصري الذي دعا إلى طرد مليشيات علي سلمان من مصر، حيث ذكر في البيان «.. تدعو الجهات الأمنية في مصر المواطنين البحرينيين المقيمين في مصر الذين يعملون لصالح جمعية الوفاق الشيعية الذين يمثلون طابوراً خامساً للمد الشيعي الإيراني في مصر، ونطالب بمنع دخول قيادات جمعية الوفاق البحرينية الشيعية إلى الأراضي المصرية، مما يشكلون من خطر على الوحدة المصرية والدين الإسلامي الصحيح، وأن مصر العربية السنية لن تسمح لمد شيعي على أرضها».
لذلك فهذا أول إجراء سيتخذه علي سلمان إذا تحقق له حلم الوصول إلى كرسي السلطة، وهو تجريد كل من اكتسب الجنسية البحرينية من غير الإيرانيين والنجفيين والمحمريين، وحدد بالذات المصريين كانتقام وثأر للصفعه المصرية له، وهو المشروع الذي تحدث عنه بقوله: «لدي مشروع نهضوي للبحرين ينهي الاستبداد وهو التحدي الذي سيواجه الحكومة القادمة، وأنه سيعالج هذا الموضوع بشكل إنساني بحيث يعود هؤلاء إلى أوطانهم بعد نزع جنسياتهم».
إذاً تهديد علي سلمان للمصريين بالذات رداً على صفعة المجلس الأعلى للثورة في مصر التي تلقاها هو وأعضاء جمعيته، وذلك بتحريم أرض مصر عليهم، ثم أنه يعتبر هذا العمل جداً إنساني عندما سيكتفي بنزع جنسياتهم، لأن الخيارات بالنسبة له كثيرة ومتعددة بين نزع الجنسية وبين القتل ورمي الجثث في القمامة، كما تفعل حكومة الولي الفقيه في العراق، فهو ابنهم وخريج مدارسهم الدموية، وربما يكون القتل وإرسال الجثث في توابيت، وقد برر فعلته مقدماً بأنه ليس أول ما يفعل ذلك فقد فعلها صدام، ثم أن صناعة التوابيت قد صارت من الصناعات التي تتقنها ميلشياته، فقد رأينا منها نماذج على الدوار، وليس فقط التوابيت بل المشانق أيضاً، إذاً فمن لا يتردد أن يشنق البحرينيين كانوا حكاماً أو شعباً ويضعهم في توابيت فليس مستغرباً أن يصدر منه مثل هذا التهديد.
نلاحظ اليوم أن تصرفات وأفعال علي سلمان لا تختلف عن تصرفات حسن نصر الله الذي يهدد وينفذ، وعلي سلمان يهدد وينفذ، أي أنه قارب أن يصبح دولة كما أصبح حسن نصر الله دولة بعد أن صار شريكاً في الحكم، وتجاوز مرحلة التهديدات إلى شن الحروب، وها هي حروبه ضد أهل السنة في سوريا العراق، وحسن نصر الله وصل إلى الدولة بعد سمحت له الدولة اللبنانية وجعلت منه حاكما، ولذلك ينتقل تهديد علي سلمان إلى تحدي الدول الشقيقة العربية بدءاً من السعودية واليوم يضم إليها مصر، وليس مستبعداً غداً أن تشارك ميلشياته في القتال مع الحوثيين ضد السعودية أو ضد مصر، كما شاركت ميلشياته جنباً مع جنب المليشيات العراقية وحزب الله في قتل أهل السنة في سوريا.
طبعاً الأمر الآن متروك للشعب المصري وحكومته وسفارته في البحرين بأن يحملوا هذا التهديد المبطن محمل الجد ومقاضاة علي سلمان في مجلس حقوق الإنسان والمحاكم الدولية، وذلك بدعوى هذا التهديد الذي قد يدفع بالمصريين المقيمين في البحرين أيضاً إلى المغادرة البحرين وترك أعمالهم، لأنهم يعلمون أن هذا التهديد يحمل بين طياته الموت، هذا الموت الذي راح ضحيته من المواطنين ورجال الأمن والوافدين، كما إن هذا التهديد يحمل من العنصرية ومعاداة للإنسانية حين يكون خيار القتل موجود في النية، وما يدرينا قد يكون الخيار يوماً واقعاً، خصوصاً أن وسائل القتل لديهم متعددة ومتوفرة وسهلة، وذلك بعدما شرع المجتمع الدولي ومنظماته جرائم القتل التي قامت بها هذه المليشيات، وصنفتها تحت بند حرية رأي ومطالبة بالديمقراطية، ولا بد أن نسأل فقهاء القانون الدولي وخبراء حقوق الإنسان الدوليين، عن وجهة نظرهم في إشارة علي سلمان وتهديده لمن اكتسب الجنسية البحرينية من المصريين وخيار إرسالهم في توابيت ليس مطروحاً الآن، أي أنه قد يكون خياراً مطروحاً في وقت ما، أم إن هذا التهديد أيضاً يدخل ضمن حرية الرأي.