من الصعوبة التنبؤ بمستقبل الصراعات مادامت هناك جماعات وأحزاب وطوائف باتت مسلحة وتملك قوة عسكرية

الأجواء الآن مقاربة لما كانت عليه ما بعد سبتمبر 2001، هوس دولي بمحاربة الإرهاب، واجتثاث إرهاب داعش، ولكن ما الفرق؟
في العام 2001 عندما أعلن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن الحرب العالمية ضد الإرهاب؛ قام بتسليح الحكومات العربية لمواجهة الجماعات الإرهابية والمتطرفة، فمنحت الكثير من امتيازات السلاح الأمريكية والغربية للدول العربية، ومن بينها طبعاً الدول الخليجية.
والآن نحن في العام 2014 تُعلن الحرب العالمية الثانية ضد الإرهاب، ولكن التسليح اليوم لا يقدم للحكومات العربية والخليجية، بل يُقدم للطوائف والأقليات والأحزاب والجماعات.
فرق كبير في الطريقتين؛ الأولى تقدم الدعم للدول والحكومات لمواجهة الإرهاب، وفي الطريقة الثانية تقديم الدعم للجماعات والطوائف. ففي الحالة الأولى يمكن السيطرة على الدعم والسلاح، أما في الحالة الثانية فإنه من الصعوبة بمكان السيطرة على الدعم والسلاح، بالإضافة إلى صعوبة التنبؤ بمستقبل الصراعات ما دامت هناك جماعات وأحزاب وطوائف باتت مسلحة وتملك قوة عسكرية قدمت لها مجاناً من أجل محاربة الإرهاب.
الحرب العالمية الثانية ضد الإرهاب لا تهدف إلى القضاء على الإرهاب، رغم أن هذا هو ظاهرها، بل هي أداة لإشعال حروب أهلية ستكون ساخنة وطويلة الأمد.
الجماعات التي يتم تسليحها في العراق وسوريا وحتى اليمن باسم مواجهة الإرهاب، ما هو المستقبل الذي ينتظرها في مرحلة ما بعد القضاء على الجماعات الإرهابية؟
لا خلاف في الحاجة للقضاء على الجماعات الإرهابية مثل حزب الله وداعش والنصرة والقاعدة وغيرها، ولكن سيناريوهات المستقبل ينبغي أن تكون حاضرة من الآن. فماذا ستفعل مكونات المجتمع العراقي بعد الانتهاء من قتال داعش؟
مكونات قبلية باتت تملك ترسانات ضخمة من الأسلحة التي قدمت لها من الغرب للقضاء على الإرهاب، فهي في ذلك الوقت بين خيارين؛ الأول القتال الداخلي بمواجهة الجماعات ومكونات المجتمع الأخرى وهي حرب أهلية ستكون طويلة للغاية.
أو الخيار الثاني وهو التمدد لمواجهة دول الجوار تحت ذرائع متعددة، وهو خيار أيضاً وارد في ظل صراع المصالح المتضادة في المنطقة.
من الناحية المنطقية فإن التسليح الغربي الذي يتم الآن يقوم على معايير أحادية، حيث تم تقديمه لأكراد العراق لمواجهة داعش، في حين تم دعم ميليشيات طهران في بغداد بالخبراء والأسلحة أيضاً، وتم تجاهل بقية المكونات من السُنة وغيرهم لأسباب معروفة استراتيجياً.
الطرف الخاسر من التسليح الغربي ليست مكونات المجتمعات العربية، وإنما مكونات الدول العربية وما تبقى منها حتى الآن. فالتسليح لم يهدف قط للحفاظ على أمن الدول، وإنما كان الهدف منه تقسيم الدول!