طيران التحالف الدولي قصف قبل أيام مواقع للجيش العراقي والميليشيات المرتبطة بإيران، فنشر الخبر على أنه خطأ، لكن ما يحدث على أرض الواقع يبين غير ذلك؛ فهذا الطيران أعاد الكرة قبل يومين ليضرب بشكل دقيق مواقع أخرى للميليشيات جنوب تكريت ويوقع فيهم قتلى تجاوز عددهم السبعين بحسب شهود، أما في سامراء فبدأ حملة لتصفيتهم قتلاً واعتقالاً، هذه الأحداث بدأت بعد نزول الجيش الأمريكي إلى الأرض بعرباته وبدأ يتنقل على الطرق الرئيسة واتخذ من قاعدة سبايكر الجوية مقراً له بعدما طرد الجيش والميليشيات التي تمركزت داخلها.
سبق كل ذلك صدور تصريحات كثيرة من قادة عسكريين في التحالف الدولي لقتال «داعش» تؤكد أن المعركة لن تحقق شيئاً بالاعتماد على الضربات الجوية دون عمل بري، في الوقت نفسه أكد محللون غربيون على ضرورة وجود دور رئيس للعرب السنة سكان المناطق التي تتواجد فيها «داعش»، مشددين على أن النتائج المرجوة لن تتحقق من غيرهم.
من جهتهم العرب السنة لم يتخذوا موقفاً من هذا التحالف، فهم يعتبرون المشاركة فيه قضية لن تحقق لهم شيئاً وما سينتج عنها هو إبدال «داعش» بالميليشيات الإرهابية التي تقطع الرؤوس أيضاً، والتي لم يجرمها التحالف الدولي ويضعها على قائمة الإرهاب، مع أنها تفعل ما تفعله «داعش» تحت غطاء حكومي.
إن بدء التحالف الدولي، وعلى رأسه أمريكا، بضرب الميليشيات الحكومية والميليشيات المرتبطة بإيران له مدلولات عدة، أهمها أنها لا تطمئن لهذه الميليشيات وتريد تأمين جيشها منها، فهي وإن كانت حليفة لها إلا أنها تتبع إيران أولاً وأخيراً ومن الممكن أن تستهدف الجيش الأمريكي على الأرض للضغط على أمريكا وإيصال رسائل إيرانية، بدليل أن أمريكا لم تفعل ذلك مع الميليشيات الموجودة في بغداد وغيرها، كذلك تريد بهذه العمليات إيصال رسالة إلى العرب السنة تفيد بأنها لن تسمح للميليشيات بالعبث في مناطقهم وأنهم سيكونون بأمن منهم، خصوصاً وأن ثقة العرب السنة بهم معدومة، فأرادت بذلك تقديم أفعال على الأرض تطمئنهم ليدخلوا في تشكيلات الحرس الوطني الذي تولت أمريكا الشروع بتأسيسه بشكل مباشر بعدما تيقنت أن حكومة العبادي غير جادة في تأسيسه حتى لا تكون للعرب السنة أي قوة رسمية، وتحاول بدلاً عن ذلك الحصول على دعم لجيشها الذي يعمل قادته على زج جنودهم بشكل متعمد في فخاخ «داعش» غرب العراق ليحاصروا ويقتلوا فيتحقق بذلك أمران، الأول محاولة الحصول على دعم للجيش والثاني إفشال العبادي، وربما هذا ما دفع الأخير إلى طرد أكثر من مائة قائد في اليومين الماضيين.
ستحاول أمريكا في الأيام القادمة إجراء مزيد من الخطوات لتحصل على ثقة العرب السنة في تلك المناطق ليدخلوا في تحالفها الدولي.