حين ننظر للخريطة يصفعنا وشم قديم وقبيح على ذراع العالم العربي الأيمن ووشم أقبح منه على الذراع الأيسر. وعلى الصدر لا تخطئ العين 60 مخيماً للاجئين الفلسطينيين في الضفة وغزة ولبنان والأردن وسوريا كـوشوم عجوز سالت خطوطها وتداخلت تفاصيلها عبر أكثر من 60 عاماً. ولا أعلم كيف نتجاوز خطيئة ترديد قصص الشهامة والمروءة العربية ببلاغة في وقت يلفت نظرنا وشم على ذراع الممثلة أنجلينا جولي وهي تتجول في مخيم للاجئين السوريين ولا يلفت نظرنا أن الناطق الرسمي لأولئك اللاجئين؛ طفل ميت من التجمد، دون أن تؤسس بلاغة شفاهه الزرقاء لحظات تحريضية ضد منظومتنا الأخلاقية المزيفة.
الجانب المضيء من تراجع فرصة تحقيق ما يريده الخليجيون بالسلاح هو أن البؤس غير اللائق لأهلنا السوريين قد شكل مؤخراً حراكاً خليجياً موفقاً في مسارين يبدوان مختلفين ولكنهما في الحقيقة متكاملان؛ فهناك قيادة خليجية للمشهد السياسي الإقليمي، يسندها دور كويتي مركز لقيادة المشهد نفسه بالدبلوماسية الاقتصادية والإغاثة الإنسانية بالمؤتمر الأول 2013، ثم الثاني للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا والمزمع عقده في 15 يناير 2014.
إن ما يقلقنا ألا شيء يتفوق على عدد مخيمات للاجئين على خريطتنا إلا عدد مؤتمرات المانحين في فنادقنا، فقد شهدت السنوات الخمس الماضية مؤتمرات عدة للمانحين لمساعدة لبنان، ولإعادة إعمار غزة، ومؤتمر المانحين لدارفور ومثله لجنوب السودان، إضافة إلى مؤتمر المانحين للجمهورية اليمنية، وغيرها الكثير؛ فهل حققت الأرقام المستهدفة. لقد نجح مؤتمر المانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا في العام الماضي في جمع مليار ونصف المليار دولار، والمبلغ المستهدف في المؤتمر القادم هو 6 مليارات. ولاشك أن في ذلك تحدياً يضاهي حاجة اللاجئين السوريين له. وحتى لا يتحول مؤتمر الكويت الذي سيعقد بعد أسبوع إلى فعالية لجمع التكسب السياسي ولجمع التعهدات بدل جمع المساعدات نورد جملة ملاحظات:
- لن تسلم الكويت من اللمز وستتهم كما سبق بصنع قوالب التوظيف السياسي لمأساة اللاجئين السوريين. لكن خبرة الكويت وسجلها في المساعدات الاقتصادية منذ أن أنشأت الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية 1961 يثبت أنها معنية بالبعد الإنساني للقضايا الإقليمية، كما إن الكويت لم تنتظر يوماً الشكر والعرفان لمبادرات أميرها وتبرعات مواطنيها من نساء وأطفال ثوار الخنادق في المخيمات، حتى يمن به عليها المتحذلقون من الكتاب وثوار الفنادق.
- دُعيت لمؤتمر المانحين 60 دولة، وستكون هناك محاولات من دول مشاركة لتجيير مخرجاته لصالحها أو إفشاله كانسحاب ممثل إيران في المؤتمر الماضي بذريعة دعم بعض الدول المشاركة للثوار بالسلاح، أو التشكيك بأن التكاليف الإدارية لتوصيل المساعدات وجمارك الدول المحتضنة للاجئين وصلت إلى 60% من قيمة ما تم جمعه، أو كمشاركة موسكو لاستغلال التجمع لتحسين صورتها رغم أن تبعات نهجها السياسي قد خلقت جزءاً من المشكلة ولا يمكن باستمرارها على نفس النهج أن تكون جزءاً من الحل.
- بسبب ضغط الشارع نتيجة صورة تلفزيونية مروعة تندفع حكومات عدة لحضور مؤتمرات المانحين ثم يزول التأثر جراء تفوق المصلحة وصراع الأجندات، فلا تلتزم الدول المانحة بتقديم كل تعهداتها. حينها يصبح من الضروري دفع المنظمات غير الحكومية للمشاركة، فالمجتمع الإنساني بكل هياكله مطالب بتقاسم أعباء البؤس الإنساني.
- يأمل المؤتمرون بجمع 6 مليارات دولار، ورغم خطورة أن يصبح مليارا دولار سنداً ومدداً لآلة القتل بيد الأسد، إلا أن الضرورة تحتم رصد مثل هذا المبلغ لمشردي الداخل. وأربعة مليارات للاجئين السوريين في الخارج، ولعل هذه الخطوة عامل مؤسس لقاعدة «مشروع مارشال» لإعادة إعمار سوريا بعد الأسد.
حين رأيت الممثلة الأمريكية أنجلينا جولي ودموعها تنهمر من أجل الأطفال السوريين، تساءلت إن كان لديها مخزون من الرحمة يساوي ما لدينا جميعاً ونحن أهل دين الرحمة! ثم لمحت الوشم على ذراعها اليمنى حيث كتب بالعربية «العزيمة» وكأنها تلمح للعرب الأقرب منها للاجئين بحاجتهم للعزيمة لرسم وشم جديد ومعبر على خارطة البؤس العربية القديمة عبر المساعدات لا التعهدات وبعيداً عن الموازنة بين الأكلاف والمردود.
الجانب المضيء من تراجع فرصة تحقيق ما يريده الخليجيون بالسلاح هو أن البؤس غير اللائق لأهلنا السوريين قد شكل مؤخراً حراكاً خليجياً موفقاً في مسارين يبدوان مختلفين ولكنهما في الحقيقة متكاملان؛ فهناك قيادة خليجية للمشهد السياسي الإقليمي، يسندها دور كويتي مركز لقيادة المشهد نفسه بالدبلوماسية الاقتصادية والإغاثة الإنسانية بالمؤتمر الأول 2013، ثم الثاني للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا والمزمع عقده في 15 يناير 2014.
إن ما يقلقنا ألا شيء يتفوق على عدد مخيمات للاجئين على خريطتنا إلا عدد مؤتمرات المانحين في فنادقنا، فقد شهدت السنوات الخمس الماضية مؤتمرات عدة للمانحين لمساعدة لبنان، ولإعادة إعمار غزة، ومؤتمر المانحين لدارفور ومثله لجنوب السودان، إضافة إلى مؤتمر المانحين للجمهورية اليمنية، وغيرها الكثير؛ فهل حققت الأرقام المستهدفة. لقد نجح مؤتمر المانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا في العام الماضي في جمع مليار ونصف المليار دولار، والمبلغ المستهدف في المؤتمر القادم هو 6 مليارات. ولاشك أن في ذلك تحدياً يضاهي حاجة اللاجئين السوريين له. وحتى لا يتحول مؤتمر الكويت الذي سيعقد بعد أسبوع إلى فعالية لجمع التكسب السياسي ولجمع التعهدات بدل جمع المساعدات نورد جملة ملاحظات:
- لن تسلم الكويت من اللمز وستتهم كما سبق بصنع قوالب التوظيف السياسي لمأساة اللاجئين السوريين. لكن خبرة الكويت وسجلها في المساعدات الاقتصادية منذ أن أنشأت الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية 1961 يثبت أنها معنية بالبعد الإنساني للقضايا الإقليمية، كما إن الكويت لم تنتظر يوماً الشكر والعرفان لمبادرات أميرها وتبرعات مواطنيها من نساء وأطفال ثوار الخنادق في المخيمات، حتى يمن به عليها المتحذلقون من الكتاب وثوار الفنادق.
- دُعيت لمؤتمر المانحين 60 دولة، وستكون هناك محاولات من دول مشاركة لتجيير مخرجاته لصالحها أو إفشاله كانسحاب ممثل إيران في المؤتمر الماضي بذريعة دعم بعض الدول المشاركة للثوار بالسلاح، أو التشكيك بأن التكاليف الإدارية لتوصيل المساعدات وجمارك الدول المحتضنة للاجئين وصلت إلى 60% من قيمة ما تم جمعه، أو كمشاركة موسكو لاستغلال التجمع لتحسين صورتها رغم أن تبعات نهجها السياسي قد خلقت جزءاً من المشكلة ولا يمكن باستمرارها على نفس النهج أن تكون جزءاً من الحل.
- بسبب ضغط الشارع نتيجة صورة تلفزيونية مروعة تندفع حكومات عدة لحضور مؤتمرات المانحين ثم يزول التأثر جراء تفوق المصلحة وصراع الأجندات، فلا تلتزم الدول المانحة بتقديم كل تعهداتها. حينها يصبح من الضروري دفع المنظمات غير الحكومية للمشاركة، فالمجتمع الإنساني بكل هياكله مطالب بتقاسم أعباء البؤس الإنساني.
- يأمل المؤتمرون بجمع 6 مليارات دولار، ورغم خطورة أن يصبح مليارا دولار سنداً ومدداً لآلة القتل بيد الأسد، إلا أن الضرورة تحتم رصد مثل هذا المبلغ لمشردي الداخل. وأربعة مليارات للاجئين السوريين في الخارج، ولعل هذه الخطوة عامل مؤسس لقاعدة «مشروع مارشال» لإعادة إعمار سوريا بعد الأسد.
حين رأيت الممثلة الأمريكية أنجلينا جولي ودموعها تنهمر من أجل الأطفال السوريين، تساءلت إن كان لديها مخزون من الرحمة يساوي ما لدينا جميعاً ونحن أهل دين الرحمة! ثم لمحت الوشم على ذراعها اليمنى حيث كتب بالعربية «العزيمة» وكأنها تلمح للعرب الأقرب منها للاجئين بحاجتهم للعزيمة لرسم وشم جديد ومعبر على خارطة البؤس العربية القديمة عبر المساعدات لا التعهدات وبعيداً عن الموازنة بين الأكلاف والمردود.