دولــة الإمــارات دولــة فتيــة تملــك العديــد من الإمكانات وأهمها وجود رؤية واضحة بالاهتمام بالإنسان الإماراتي اهتماماً مدنياً، والاهتمام بالدور البحثي والدور الإعلامي وإناطة مسؤولية هذه الأدوار لشباب إماراتي ثقة بهم وبإمكاناتهم، ومن خلال العناية بالمؤسسات المدنية المعنية بالعمل البحثي والعمل الإعلامي على وجه التحديد وإشراك تلك المؤسسات والقائمين عليها في صناعة القرار السياسي وإدخالهم ضمن الدائرة الضيقة أو الدائرة الداخلية لصنع القرار تعرف عن ماذا نتحدث.
مركز الإمارات للدراسات والبحوث على سبيل المثال أحد الحاضرين في الاجتماعات الخاصة للدائرة العليا لصناعة القرار من خلال حضور رئيس المركز والمركز باستشاراته ودراسته وتقاريره الرصدية.
هذه نظرة تدفعك رغماً عنك لعقد المقارنة، فالنظرة الإماراتية لهذه المؤسسات نظرة تدرك أن صناعة القرار عملية أعقد بكثير من أن تعتمــد علــى «مجموعــة» مستشارين بـــل تعتمد على مجموعة أبحاث ودراسات، كما إنها نظرة تدرك بأن الهجمة التي تتعرض لها المنطقة ميادينها إعلامية ومواقعها دولية، ولا يمكن مواجهتها بالارتجال، وحين تقارنها بحال مؤسساتنا البحثية ومؤسساتنا المدنية الإعلامية، خاصة حين تحسب حجم التهديدات والمخاطر التي مرت بها البحرين فإنك تدرك بأن الحال مقلوب والميزان مختل عندنا.
الندوة التي عقدتها جمعية الصحافيين البحرينية ومركز الإمارات للدراسات والبحوث في أبوظبي أتاحت لنا فرصة الاطلاع على عمل هذا المركز وميزانيته ودوره في صناعة القرار السياسي الإماراتي.
دعك من ميزانيته ومن إنتاجه البحثي ومن أنشطته العامة، لفت نظرنا المهام الخاصة المنوطة بهذا المركز، فمسؤولية «الرصد الإعلامي» المنوطة بهذا المركز مسؤولية تتطلب ساعات عمل تتم على مدار الساعة، الجميل أن هذه المهمة يقوم بها شباب إماراتي بنظام المناوبات يجلس أمام عشرات الشاشات التلفزيونية، يرصد كل ما يعرض عن الإمارات «سلباً أو إيجاباً» في القنوات الفضائية بثلاث لغات، ويستمع إلى مثلها من المحطات الإذاعية ومثلها في وسائل التواصل الاجتماعي، وهو فريق مكلف بإرسال هذه المعلومات فوراً خلال دقائق من وقت عرضها للقيادة الإماراتية ثم يتبعها لاحقاً التحليل والتقارير المفصلة.
مركز الإمارات للدارسات والبحوث متصل مباشرة مع الشيخ محمد بن زايد ولي العهد حاضراً من خلال رئيسه وعمل المركز في الاجتماعات السياسية القيادية، ويعد واحداً من أهم مراكز صنع القرار وروافده، لأن القرار السياسي لا يؤخذ بناء على رأي مستشارين فحسب، بل بناء على عملية رصد وتحليل ودراسة وبحث يقدمها مركز متخصص.
اللافت للنظر في هذا المركز أن ميزانيته البحثية تأخذ 80% من ميزانية المركز و20% مصاريف إدارية، لا العكس.. ولا أريد أن أعقد مقارنة في أمور أخرى!
الجميل في الأمر أن توجيهاً حازماً من ولي عهد الإمارات بتعاون المركز مع جمعية الصحافيين الإماراتية في إشارة إلى أن المؤسسات ليست إقطاعيات خاصة بأصحابها وجزراً معزولة عن بعضها، هناك مايسترو يقود كل الفرق لتعزف نغماً واحداً، والندوة التي عقدت في أبوظبي شاركت جمعية الصحافيين الإماراتية بالإعداد لها، على فكرة «تبلغ ميزانية جمعية الصحافيين الإماراتية خمسة ملايين دينار بحريني.. طبعاً هذا غير ميزانية المركز اللا محدودة» في حين بالكاد تدفع جمعية الصحافيين البحرينية إيجار مقرها «الكحيان» المؤقت ولا يملكون أي موازنة لعمل أي فعالية لخدمة البحرين، رغم طموحهم الكبير ورغم التحديات التي تواجهها البحرين والتي تبلغ في خطورتها أضعاف ما تواجهه الإمارات، كما إنه ليس هناك أي نوع من أنواع التنسيق بينها وبين مركز الدراسات اليتيم البحريني وبينها وبين معهد التنمية السياسية إلا من خلال فعالية يتيمة جرت مؤخراً.
نأمل أن تصحو البحرين من غفوتها وتدرك أنها تواجه حرباً ضروساً بواسطة «شبكات» تحالفت مع حكومات دول أجنبية كبيرة وفرت لها الدعم المادي والدعم اللوجستي السخي لإسقاط الدولة، ويفوق الدعم ميزانية وزارة الإعلام ومركز الدراسات وجمعية الصحافيين مجتمعة «زوروا مواقع المنظمات الأمريكية واحسبوا كم استلمت الجمعيات البحرينية في السنة الماضية واحسبوا معها مدخول الوقف الإيراني «مؤسسة أبرار» الذي تسلمته تلك الشبكات» كل تلك الموازنات مسخرة لخدمة إسقاط الدولة في البحرين.
نأمل أن تدرك البحرين بأن تحويل قليل مما يصرف على أنشطة لا يتابعها إلا أصحابها، وقليل مما يصرف على شركات عامة أجنبية لم تحرك ساكناً ممكن أن يفعل الكثير للمؤسسات المدنية الوطنية التي تواجه بصدورها العارية جيشاً مزوداً باحدث الأسلحة الفتاكة.