طبيعة الإنسان الناقصة دائماً ما تجعله يتخذ قراراً قبل أن يفهم الوضع الحقيقي لأية مسألة من المسائل الحياتية، وتحوله من كائن حقيقي إلى شبه كائن، أو كائن من الخارج ووحش من الداخل، هذا الوحش من الممكن أن يتمثل في أقرب الناس لنا؛ في الوالدين، الإخوة، الأبناء، الأصدقاء، لذلك إذا أردنا أن نكون صادقين مع أنفسنا ومع الآخرين علينا ألا نصدر أحكاماً قيمة من خلال الاستماع فقط؛ بل ننتظر ونرى ونستشعر، وبعدها قد نتخذ قراراً أو لا نتخذ.
قبل فترة قصيرة قرأت في صفحة الأستاذة شريفة حسن قصة واقعية من القصص التي تجعلنا نقف أمام أنفسنا ونتساءل عن طبيعتنا الإنسانية، والتي نظن أنها بخير، وهي ليست كذلك، هذه القصة عن جندي عاد أخيراً إلى أرض الوطن بعد أن شارك في القتال في فيتنام.
وقد اتصل بوالديه من سان فرانسيسكو ليقول لهما: «أنا عائد إلى البيت لكني أطلب منكما خدمة، لدي صديق وأريد أن أصحبه معي إلى البيت»، بالتأكيد جاء رد الوالدين «ونحن نحب أن نراه ونقابله»..
قال الابن: «لكن هناك أمراً يجب أن تعرفاه، صديقي لحقته إصابة جسيمة أثناء القتال، إذ خطا فوق لغم أرضي وفقد إحدى ذراعيه وإحدى ساقيه، وليس ثمة مكان يذهب إليه وأنا أريد أن أحضره معي كي يعيش معنا».
رد الأب: «يحزنني أن أسمع ذلك لكن يا ولدي يمكن أن نساعده في البحث عن مكان ليعيش فيه».
أجاب الابن: «لا يا والدي العزيز.. أنا أريده أن يعيش معنا».
قال الأب: «يا ولدي! أنت لا تعرف صعوبة هذا الأمر، فرجل بمثل تلك الإعاقة سيكون عبئاً عظيماً علينا، لدينا حياتنا وليس بوسعنا تحمّل أن يتدخل أحد في خصوصيتنا، وأعتقد أن عليك أن تعود إلى البيت وتدع الرجل يتدبر أمره فسوف لن يعدم الوسيلة ليهتم بشأنه».
في تلك اللحظة انقطع الاتصال ولم يسمع الأبوان أكثر من ذلك.
لكن بعد بضعة أيام تلقيا اتصالاً من شرطة سان فرانسيسكو، قيل لهما: «لقد توفي ابنكما بعد سقوطه من أحد المباني، ويبدو أنه أقدم على الانتحار».
هرع الوالدان المصدومان إلى سان فرانسيسكو وذهبا إلى ثلاجة الموتى كي يتعرفا على جثة ابنهما.
هناك تعرفا على الجثة، لكن الأمر الذي أرعبهما هو أنهما اكتشفا شيئاً لم يكونا يعرفانه، كان الابن بذراع وساق واحدة.
إن الابن، الذي اكتشف والداه إعاقته بعد موته، أراد أن يعرف مسبقاً كيف ستكون أوضاعه القادمة في بيت العائلة، وحينما سمع نظرة والديه إلى صديقه المختلق، قرر أن يبتعد ويعيش وحده، مفضلاً ألا يكون تحت رحمة هذه النظرة غير الإنسانية.
يقول من علق على هذه القصة؛ أن الوالدين في هذه القصة لا يختلفان عن الكثيرين منا، قد نحب بسهولة أولئك الذين يتميزون بمظهرهم الأنيق ويشيعون حولهم المرح والسعادة والمتعة، لكننا لا نميل إلى الأشخاص الذين يجعلوننا نحس بالحزن أو الشفقة أو عدم الارتياح. وفي معظم الأحيان نفضل الابتعاد عن الناس الذين لا يتمتعون بنفس القدر من الصحة والأناقة والذكاء الذي ننعم به نحن.
أحبّوا الآخرين كما هم، فالحب الحقيقي هو الحب الكامل، الذي لا يمكن أن تشوبه شائبة، الحب أن تعطي دون أن تفكر في نقص عضو من أعضاء من تحب، أو في نواقص في سلوكه أو تصوراته أو أفكاره.
{{ article.visit_count }}
قبل فترة قصيرة قرأت في صفحة الأستاذة شريفة حسن قصة واقعية من القصص التي تجعلنا نقف أمام أنفسنا ونتساءل عن طبيعتنا الإنسانية، والتي نظن أنها بخير، وهي ليست كذلك، هذه القصة عن جندي عاد أخيراً إلى أرض الوطن بعد أن شارك في القتال في فيتنام.
وقد اتصل بوالديه من سان فرانسيسكو ليقول لهما: «أنا عائد إلى البيت لكني أطلب منكما خدمة، لدي صديق وأريد أن أصحبه معي إلى البيت»، بالتأكيد جاء رد الوالدين «ونحن نحب أن نراه ونقابله»..
قال الابن: «لكن هناك أمراً يجب أن تعرفاه، صديقي لحقته إصابة جسيمة أثناء القتال، إذ خطا فوق لغم أرضي وفقد إحدى ذراعيه وإحدى ساقيه، وليس ثمة مكان يذهب إليه وأنا أريد أن أحضره معي كي يعيش معنا».
رد الأب: «يحزنني أن أسمع ذلك لكن يا ولدي يمكن أن نساعده في البحث عن مكان ليعيش فيه».
أجاب الابن: «لا يا والدي العزيز.. أنا أريده أن يعيش معنا».
قال الأب: «يا ولدي! أنت لا تعرف صعوبة هذا الأمر، فرجل بمثل تلك الإعاقة سيكون عبئاً عظيماً علينا، لدينا حياتنا وليس بوسعنا تحمّل أن يتدخل أحد في خصوصيتنا، وأعتقد أن عليك أن تعود إلى البيت وتدع الرجل يتدبر أمره فسوف لن يعدم الوسيلة ليهتم بشأنه».
في تلك اللحظة انقطع الاتصال ولم يسمع الأبوان أكثر من ذلك.
لكن بعد بضعة أيام تلقيا اتصالاً من شرطة سان فرانسيسكو، قيل لهما: «لقد توفي ابنكما بعد سقوطه من أحد المباني، ويبدو أنه أقدم على الانتحار».
هرع الوالدان المصدومان إلى سان فرانسيسكو وذهبا إلى ثلاجة الموتى كي يتعرفا على جثة ابنهما.
هناك تعرفا على الجثة، لكن الأمر الذي أرعبهما هو أنهما اكتشفا شيئاً لم يكونا يعرفانه، كان الابن بذراع وساق واحدة.
إن الابن، الذي اكتشف والداه إعاقته بعد موته، أراد أن يعرف مسبقاً كيف ستكون أوضاعه القادمة في بيت العائلة، وحينما سمع نظرة والديه إلى صديقه المختلق، قرر أن يبتعد ويعيش وحده، مفضلاً ألا يكون تحت رحمة هذه النظرة غير الإنسانية.
يقول من علق على هذه القصة؛ أن الوالدين في هذه القصة لا يختلفان عن الكثيرين منا، قد نحب بسهولة أولئك الذين يتميزون بمظهرهم الأنيق ويشيعون حولهم المرح والسعادة والمتعة، لكننا لا نميل إلى الأشخاص الذين يجعلوننا نحس بالحزن أو الشفقة أو عدم الارتياح. وفي معظم الأحيان نفضل الابتعاد عن الناس الذين لا يتمتعون بنفس القدر من الصحة والأناقة والذكاء الذي ننعم به نحن.
أحبّوا الآخرين كما هم، فالحب الحقيقي هو الحب الكامل، الذي لا يمكن أن تشوبه شائبة، الحب أن تعطي دون أن تفكر في نقص عضو من أعضاء من تحب، أو في نواقص في سلوكه أو تصوراته أو أفكاره.