تتداول هذه الأيام بعض أسماء ممن يسمون بالمعارضين يطالبون بتعيينهم وزراء، هؤلاء الذين عادوا الدولة بنظامها وحكومتها يريدون أن يعينوا وزراء في مؤسساتها، هؤلاء الذين خرجوا على القنوات الإيرانية ينشرون الأكاذيب يريدون أن تناط إليهم خزائن الدولة، ويكونون مسؤولين متسلطين على رقاب الناس، هؤلاء الذين شاركوا في المؤامرة الانقلابية يسعون ليكونوا جزءاً من الحكم.
السؤال هنا؛ هل أن عادة توزير الدولة للمعارضين وتقريبهم هي الأسباب التي تشجع البعض للدخول في الأحزاب المعارضة؟ وهل يمكن لهذه العادة أن تستمر وأن تناط للذين غدروا بالبحرين الأمانات والخزانات؟ وهل هي من علامات قرب قيام الساعة، عندما تناط الأمانات إلى غير أهلها فيصدق الخائن اللئيم؟ كلها تساؤلات قد يكون جوابها نعم.. إنه الطريق القصير للحصول على مناصب رفيعة، وقد تكون واقعاً يوماً ما، خاصة عادة تعودنا عليها.
في هذا الشأن نذكر قصة سيدنا يوسف مع حاكم مصر، بعد أن برأه الله مما نسب إليه، فجعله الملك من خاصته وقال (إنك اليوم لدينا مكين أمين)، فقال يوسف (اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم)، والأسباب التي جعلت الملك أن يستخلصه لنفسه ويجعله أميناً على خزائن الأرض؛ أولاً براءته مما نسب إليه، ثم حفظه وعلمه، أي أنه كان أول من كتب في القراطيس، و«حفيظ» لتقدير الأقوات «عليم» بسنين المجاعات، وصدقه وأمانته، وهو دليل تفسيره الرؤيا ونصحه للملك بمواجهة سنين المجاعات رغم أن حبسه كان ظلماً.
إنها الصفات التي يجب أن تتوفر في الشخص الذي ستناط إليه أمانة الدولة وخزائنها، لكن عندما يكون ذلك لأشخاص من صفاتهم الغدر واللؤم وكراهية الناس وانتهاكهم لحرمات الله بغرض الحصول على السلطة ومكاسب مادية، فهي أول أسباب تراجع الأمم وتقهقرها وهدم حضارتها، عندما يتولى على أماناتها أمثال هؤلاء الذين يساومون الدولة مقابل رضاهم، وليتهم يرضون؛ بل يوغلون في ثأرهم وانتقامهم مستغلين مناصبهم لتحقيق مآربهم ومصالحهم الفئوية التي قد تهيئ البلاد لانقلاب قادم، وذلك عندما يتطلب استمرار المؤامرة بأن تكون وجوه جديدة تولى على مؤسسات الدولة كي يستمر مسح الهوية وتسخير خدمات المؤسسات لفئات محددة، وذلك كما فعل من سبقوهم من وزراء كشفت المؤامرة وجوههم القبيحة.
ثم نسأل الذين يطالبون الدولة بتوزيرهم؛ على ماذا توزرون؛ هل على أمانتكم أو ولائكم لنظامها؟ أو على خدماتكم الإنسانية والاجتماعية؟ أم على مواقفكم السياسية المشرفة في الداخل والخارج؟ أم أن جزاء الغدر المكافأة والتقدير هي من مبادئ الديمقراطية لديكم؟ هذه العادة ولا نظن أن هناك أي أمة من الأمم قامت بمثلها بمكافأة الإرهابيين والمحرضين والمعادين، وإذا كان الحال كذلك فمن يودع في السجون؛هل فقط من زور إجازة مرضية أو عجز عن تسديد دين؟ وأما غدر وخان وسرق الحكم فجزاءه الحسنى والثواب، فأين ذلك من قول الله (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان).
إنها سنة الله، أن يثاب المحسنين وأن يجازى الآثمين في الدنيا كما الآخرة، فالآثمون جزاؤهم بما اقترفوا من آثام وفساد العقاب والإبعاد، كلٌ حسب حجم جريمته (وذروا ظاهر الإثم وباطنه إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون)، لا أن يحمدوا ويحسن إليهم جزاءً بما اقترفوا من فساد في الأرض وإضرار بالخلق، ثم ينصبون على العباد وتولى إليهم المؤسسات والشركات.
وحسب ما سمعنا من المساومات؛ فوالله إنها غاية في انحدار القيم، وذلك عندما يطالب من رخص بتراب أرضه وأنكر جميل دولته، وهي صاحبة الفضل في تعليمه وتوظيفه ومنهم من وصل إلى البرلمان، فإذا بهم يغرسون الخناجر في قلب الوطن، ثم يأتون دون حياء يطالبون بالتوزير، فأي خير بعدها في وزارة؟ وأي مصداقية بعدها لمؤسسات الدولة عندما يكون على رأسها موالٍ لإيران خرج على قنواتها يسب ويلعن الدولة ويطالب باحتلالها ويشتم أشقائه من الدول الخليجية، هذه حقيقة من يحلمون بالتوزير.