لنلاحظ معاً هذه العبارة «.. ورغم صياغته خطاباً يزعم تمثيله كامل مكونات شعب البحرين إلا أن جميع مرشحيه هم من المسلمين السنة»؛ هذه العبارة وردت ضمن تقرير اجتهد موقع إخباري تابع لـ «المعارضة» في صياغته تناول الخبر الذي كشفت به «الوطن» الثلاثاء الماضي عن أن قائمة تجمع الوحدة الوطنية لانتخابات 2014 النيابية تشمل ثمانية مترشحين بينهم ستة وجوه جديدة. فما لفت انتباه صائغي التقرير بذلك الموقع المعبر عن فكر جمعية الوفاق هو أن المرشحين الثمانية ليس بينهم شيعي واحد! ما يثير سؤالاً عما إذا كان بين مرشحي الوفاق في الفصلين التشريعيين الماضيين والفصل التشريعي المقبل -إن شاركت- أحد من أهل السنة والجماعة؟
الفارق بين الأمرين هو أن مرشحي التجمع صاروا بالصدفة من السنة، فالتجمع أعضاؤه من كل المذاهب، ولعله عرض على بعض أعضائه الشيعة فلم يتحمسوا لسبب أو لآخر أو لم يجد المعنيون بالتجمع بينهم من يصلح لخوض الانتخابات، أما مرشحو الوفاق فكلهم من الشيعة لأن كل أعضاء الوفاق شيعة. وكما أن من حق الوفاق ووعد والتقدمي والقومي وغيرهم أن يرشحوا من يتوسمون فيه الخير ويعتقدون أنه الأكفأ فإن من حق تجمع الوحدة الوطنية أيضاً أن يرشح من يراه مناسباً، وليس بالضرورة أنه حرص على أن يكون مرشحوه كلهم من أهل السنة.
القصة ليست هنا، القصة في هذا المستوى من التفكير الذي يؤدي إلى البلبلة ويؤلب الأخ على أخيه ويتضمن اتهامات للآخرين لا أساس لها، وإلا ماذا يعني للمواطن الذي يأمل في مجلس النواب أن يحقق له ما يطمح ويحلم به إن كان المترشح أو الفائز بمقعد فيه سنياً أو شيعياً أو قصيراً أو طويلاً أو نحيفاً أو بديناً أو أبيض أو أسود؟ ما يهم المواطن هو أن يكون المترشح للانتخابات قادراً على تمثيله والتعبير عنه وتحقيق المكاسب له. من يخدمني كمواطن من الذين يترشحون لعضوية المجلس هو من أبحث عنه، ليس مهماً إن كان من هذا المذهب أو ذاك أو رجلاً أو امرأة أو حتى إن كان يصلي أو لا يصلي فهذه علاقة خاصة بينه وبين ربه. ما يهمني هو إخلاصه وإيمانه بأنه إنما رشح نفسه ليخدم المواطنين ويسهم في مسيرة هذا الوطن الذي تعب من مثل هذا النوع من التفكير السالب للهمم والذي يسيطر على أفراد يفترض أنهم من المثقفين.
ما أنا متأكد منه هو أنه لو كان بين القائمة التي أعلن عنها التجمع شيعي واحد لقال أولئك إن التجمع يريد ذر الرماد في العيون وأنه تم إدخال هذا الشيعي كي لا يقال إن كل مرشحيه من أهل السنة! وما أنا متأكد منه أيضاً هو أنه لو كان بين القائمة اثنان من الشيعة لقالوا إنهم لا يمثلون إلا ربع عدد المرشحين. لو كانوا اثنين لقالوا لماذا لم يكونوا ثلاثة؟ ولو كانوا ثلاثة لقالوا لماذا لم يكن النص بالنص؟! (محاصصة يعني).
هذا المستوى من التفكير هو أحد أسباب عدم تمكننا من الإفلات من ربقة المأزق الذي أدخلونا فيه عنوة بقفزتهم المجنونة تلك، وهذا المستوى من التفكير لا يمكن أن ينتج عنه سوى خطوات تجرنا إلى الوراء وتجعلنا نتنافس لا على خدمة الوطن والمواطن وإنما على خدمة أهداف ضيقة فاقدة القيمة.
ليس مهماً المذهب أو الدين الذي ينتمي إليه المترشح أو الفائز بمقعد في مجلس النواب وفي المجالس البلدية، المهم أن يكون قادراً على المساهمة في هذه المسيرة وعلى تحقيق طموحات ومطالب المواطنين جميعاً، وألا يختفي بعد فوزه فلا يعرف الناس إليه سبيلاً!