كالعادة يهدد رئيس تحرير الوسط من تبعات «الاحتقان» لدى مجموعته، بسبب «عدم إمكانيتهم بالتأثير على المسار السياسي» كما كتب بالأمس، ولتذكيره بما قلناها سابقاً ونعيدها، أن تلك هي الحكاية وهنا مربط الفرس وهنا تفرقت البحرين وانقسمت وانشطرت بين داعٍ للتأثير السياسي من خلال «الشارع» و بين داعٍ للتأثير في المسار السياسي من خلال «المؤسسات والأدوات الدستورية».
سبب الاحتقان هو انتفاء الأداة التي دعوتم لها للتأثير السياسي، وليس انتفاء القدرة على التأثير السياسي بحد ذاته، هنا يكمن الفرق، وهنا ضيعتم شبابكم حين وعدتموهم بالمن والسلوى خارج المؤسسة الدستورية، لذا حين اتخذت الدولة قرار نقل الخلاف إلى السلطة التشريعية وانحازت للمؤسسات والآليات الدستورية، أغلقت الباب على أداتكم لا على أهدافكم، هنا فقط شعر شبابكم بعجزه عن التأثير السياسي لأن أداته لم تعد مجدية ولم تحدث أثراً، وأن الأداة الأخرى غير مجدية ولا تحدث أثراً حسب رأي مرجعيته الدينية والسياسية والإعلامية، أنت هنا تنعى الأداة لا الهدف، أليس الهدف هو التأثير السياسي؟ من منعهم؟ من وقف ضد رغبتهم في التأثير السياسي؟ الباب مفتوح فإن عجزت أداتهم فلينتقوا أداة أخرى ويبقى الهدف ثابتاً.
إنما تتحمل زعامات جماعة الولي الفقيه الدينية والسياسية والإعلامية احتقان شبابها الآن، تتحمل شعورهم بالتهميش وشعورهم بالعجز فهي من دعاهم وشجعهم وحرضهم على التأثير في المسار السياسي من خلال الشارع، أي خارج الإطار الدستوري وحلل وشرعن وأباح القفز على المؤسسات الدستورية، بل وأجاز الكذب والفبركة والافتراء عليهم أي على شبابه وكوادره وأبنائه وأتباعه ومريديه قبل أن يكون على أي أحد آخر.
فحين أرادت تلك المرجعيات استخدام المؤسسات الدستورية تلاعبت بعقله غير عابئة بتنقلها من النقيض إلى النقيض حين أرادت تكرار ترشيح زعامتها السياسية في الفصل الثالث، قالت تلك الزعامات في المؤسسة الدستورية وفضائلها ما لم يقله مالك في الخمر، معددة الإمكانات والإنجازات التي تحققت بفضل آلياتها، بل وأقسمت على القرآن مرتين بحفظ تلك المؤسسات والدستور المنظم لها، ثم عادت وخلال أشهر معدودات ومسحت بأقوالها الأرض، وقدحت في المؤسسة ونكثت بقسمها، وأطاحت بشبابها وكوادرها يمنة ويساراً، وسدت الباب عليهم حين أرادت الانسحاب من ذات المجلس الذي تغزلت به قبل أشهر، فكيف لا يشعر شبابكم بالاحتقان؟ فهم قد شعروا بالضياع قبل الاحتقان، شعروا بالشتات بغياب الرؤية والبوصلة فقيادتهم لا تملكها.
«التأثير السياسي» مازال مجالاً واسعاً ومفتوحاً على مصراعيه لكل البحرينيين بلا استثناء وبلا تفرقة أو تمييز، والمؤسسة زادت من قدرات أدواتها وانتصار الدولة لها هو للبحرين كلها، انتصار للاستقرار للأمان المفقود في مجتمعات أخرى بسبب دعوات مثل دعواتكم ضيعت أوطان ودمرتها، اليوم البحرين كلها مدعوة لاستخدام الأدوات الدستورية لإحداث هذا التأثر السياسي الذي تندبه وتنعيه أنت.
شبابكم بحاجة إلى (ريستارت) يزرع فيه التفاؤل ويعزز فيه الانتماء إنما يتطلب الأمر شعوراً بالمسؤولية عندكم أولاً كقيادات إما بالاستقالة أو بالكف عن ندب حظكم العاثر و(التحندى) كعجوز أخذوا عنها وجبة عشائها!
أطلقوا سراح جماعتكم من قيودكم .. استقيلوا ابتعدوا عن المشهد ساعدوهم كي يتمكنوا من الاندماج ثانية في النسيج البحريني الذي سيبقى حضناً لهم كما كان.