نخالف الواقع إن قلنا بأن الناس لا تترقب باهتمام القادم من الأيام.
هناك تغييرات متوقعة ستحصل على مختلف الأصعدة، ولعل بدايتها كانت بإعلان نهاية الحوار الذي طال ردحاً من الزمن، وما أعقبه من تغييرات في أمور هامة معنية بالعملية الانتخابية وتشكيل الحكومة.
تقسيم الدوائر الانتخابية الجديد قد يكون وضع الناس في نوع من البلبلة من حيث معرفة انتماءاتهم الجديدة بحسب المحافظات، لكنه أيضاً وضع الجمعيات الانقلابية في حال هستيرية واضحة كعادتها، فبدأت تهاجم وتلوح بالمقاطعة والبقاء في عزلتها، وهي التي في الحقيقة أكثر المستميتين بشأن دخول وخوض الانتخابات، لكنها تريد أن «تضمن» أولاً عدم تعرضها للحرق من قبل شارعها ومن يمارسون التخريب والإرهاب من شباب، وثانياً تريد أن تضمن الهيمنة على المجلس التشريعي، وهذا ما ستبينه الحالة الانتخابية في حال جربوا الدخول.
التغييرات الجديدة ستطال صلاحية مجلس النواب في شأن مناقشة برنامج الحكومة وتشكيلها المقترح، وحقهم في قبوله أو رده لعدة مرات، وهذه خطوة إيجابية تمنح الواصلين للمجلس بالانتخابات قوة جديدة تضاف لصلاحياتهم الدستورية، يبقى التعويل على الاستخدام الأمثل هنا.
وبخصوص مسألة التغييرات ما يتنامى لعلمنا من أخبار تتسرب هنا وهناك بأن تشكيلة مجلس الشورى قد تتغير فيها الوجوه بنسبة 60%، وأن معايير الاختيار ستكون مركزة على الكفاءة والخبرة والقدرة بهدف تعزيز قوته في شأن الاستشارة ومناقشة التشريعات، والتعويل أن يكون التشكيل ضاماً لشريحة من الشباب المؤهل المتعلم القادر على خدمة بلده.
كذلك شكل الحكومة، وهي المسألة التي دائماً ما يدور بشأنها اللغط وسط تسريبات تخرج بين الفينة والأخرى، ربما بعضها بالونات اختبار، وبعضها يتضح جلياً بأنها إشاعات وبث لأخبار كاذبة. لكن ما يتردد بأن التشكيل ستكون فيه تغييرات مؤثرة وكبيرة، وأن إفساح المجال لطاقات شبابية كفوءة وقادرة على العطاء مسألة واردة.
في هذا الصدد نترقب الأفضل ونترقب تقدير الكفاءات ووضع الأشخاص المناسبين في الأماكن المناسبة، إذ البحرين بالفعل تعطلت لثلاث سنوات في حراكها التنموي، هي لم تتجمد وتقف عند نفس النقطة ولم تتحرك، بل على العكس كان هناك حراك، لكنه لم يكن بنفس الوتيرة السريعة التي نأملها بحيث يكون نتاجها انعكاساً إيجابياً على البلد ومصلحة المواطن.
السيناريو الواضح يقول بأننا الآن سندخل في طور الحملات الانتخابية وسط إعلان مشاركة سيتزايد مع قرب موعد الاستحقاق، سيليه تعيينات الشورى، ومن ثم التشكيل الجديد للحكومة، والخلاصة تكمن في أن البحرين تسير إلى الأمام ولن يعيق مسيرها أي شيء، حتى وإن حاول من يريد وضع العصا في العجلة فإنه لن ينجح، فالموقف الرسمي واضح وثابت بشأن الحوار والمشاركة ورفض أية مساومات أو صفقات، من أراد الدخول فأهلاً وسهلاً، ومن أراد المقاطعة فـ«براحته»، لكن لا يظن بأن البلد غابة لا قانون فيها.
وللنائحين الصائحين المسافرين يمنة ويسرة، العالم أصلاً بمراكز القوى فيه لاهٍ عنكم تماماً، يكفي «الكذب» الذي سيق و«المبالغات» و«البكائيات» التي أغرقت كل شيء طوال سنوات ثلاث، الحلفاء بالأخص الأمريكان غارقون حتى رأسهم في حربهم الجديدة ضد «داعش»، والرسالة كانت مختصرة وواضحة مفادها بأن شاركوا في الانتخابات، بما يعني أن الأمريكان أنفسهم ملوا من هذا العبث ومن المراوحة في نفس المكان الذي تقف فيه الجمعيات الانقلابية.
البحرين مكتوب لها التقدم للأمام، المجال مفتوح لمن يريد أن يتقدم بخطواته، أو الوقوف مكانه أو التقهقر للخلف، كل براحته.