أثبت شعب البحرين ولاءه لدولته وحكامها الشرعيين وتعلقه بهم لحد الفداء بالنفس والمال، ولم يكن هناك شعب في العالم مر بمثل هذه المؤامرة الدامية وشبه الاحتلال، ولم يفكر في لحظة بالهروب، بل ما حصل العكس؛ فقد عاد المواطن المسافر وهو يلقط أنفاسه بعد أن عرف بما حدث لها وحصل من غدر وخيانة من مجموعة ضالة موالية لإيران.
نأتي إلى صلب الموضوع ونتحدث عن بعض أفراد العوائل العربية العريقة الذين نزحوا إلى دول مجاورة، فهذه العوائل كانت أول من وقف في وجه المؤامرة من كبيرهم إلى صغيرهم، وقفوا جميعاً في الفاتح وفي عيونهم الدمع.. نعم وهم كذلك حتى اليوم أرواحهم معلقة في البحرين ولم يكن خيار النزوح يطرأ على بالهم في لحظة ما، بل ثبتوا وشاركوا جميعهم في الدفاع عن البحرين، وليس هناك فرد منهم لم يخرج في الفاتح، وليس هناك فرد واحد فكر في النزوح إلى أي دولة، فهذه الدولة موجودة بما فيها من إغراءات منذ زمن، لكن لم تتحرك مشاعر أي منهم لأجل إغراءات ولا مزايا.
أتحدث كمواطنة بحرينية ولاءها التام للبحرين وحكامه الشرعيين، ومن هذا المنطلق أقول إن المواطن يحب أن يرى دولته المنتصرة تواصل انتصارها ضد المجموعة الضالة، مجموعة ولائها التام لإيران، مجموعة مازالت تعلن ولاءها علنياً للمرجعية السياسية الدينية الإيرانية، مجموعة تتواصل مع الحاكم الإيراني ومرشدها الديني العراقي والإيراني، وما حصل بعدها أن جاءت الدولة بلجنة تقصي الحقائق والتي حولت المهزومين إلى منتصرين عندما أظهرت أن جميع الجرائم التي قامت بها المجموعة الضالة تعبير عن الرأي، وما تبعها من استرضاءات للتجار الذين شاركوا في الدوار والتي حصلت في الباطن وفي الظاهر عن طريق «تمكين»، وإرجاع المفصولين الذين غدروا بالبحرين لأعمالهم، إضافة إلى مراحل الحوار الأول فالثاني فالثالث، حتى سمعنا اليوم عن المحاصصة الطائفية التي تعني موافقة الدولة على توزيع حكمها بينها وبين الجماعة التابعة لإيران ومشاركتهم في الحكم، هذا هو الهاجس الذي جعل أفراد بعينهم يشعروا بالإحباط، بل الجميع قد أوجعه كل ما حدث بدءاً من تقرير بسيوني إلى ما يحصل اليوم.
هذه المصارحة ضرورية لأن تعرف الدولة أن شعبها لم تهزه المؤامرة، لأنه شعب شهم أبي لا يتنازل عن شبر من أرضه لحثالة ضالة ليس لهم أصل ولا فصل في البحرين، فإذا بها تشاطر الدولة السلطة، هذا الشعب لا تهمه أمريكا ولا بريطانيا ولو اجتمع عليه العالم بأجمعه، هذا الشعب لا يأبه لتهديدات إيران ولا لقطع إمدادات ولا مقاطعة، بل يهمه أن يعيش في كنف دولة قوية تنفذ القانون في الجماعة الضالة، لا أن يحصل العكس.
الأمر الثاني، والذي كان الشعب معولاً عليه بعد الله، هو تجمع الفاتح، الذي اختطفته جماعة يبحث بعض أفرادها عن مصالح شخصية، والذين بسببهم ضاع جهاد أهل الفاتح، حين نسب هؤلاء الأفراد الانتصارات لجهودهم فتقدموا إلى الدولة بطلب المكافآت، كما دخل بعضهم في تحالف مع الوفاق، وهذه تقاريرهم تثبت ذلك، إذ أصبح أهل الفاتح بين دولة تتفاوض مع جماعة إرهابية ضالة وبين تجمع سرق انتصارهم بعد كان يظن أنه وجد ضالته.
كلها أسباب اجتمعت فولدت شعوراً سائداً لدى الشعب أن هناك مصيراً مجهولاً يترقبون خبره في أي وقت، هذا المصير لا تبدو إشارته مبشرة، وبما يكون مشاركة الجماعة الضالة الحكم، وأن هذا الشعب على يقين ماذا سيكون حال الدولة عندما تكون هذه الجماعة الضالة في الحكم، وقد عاش الشعب مصيبة عندما تولى بعضهم الوزارات والهيئات والجامعات والمعاهد، وكيف مارست هذه الجماعة الاضطهاد ضد أغلبية أهل البحرين حتى طردوا من أعمالهم ومنع عنهم التوظيف والتعليم في مؤسسات الدولة، هذا قبل المؤامرة؛ فكيف إذا كانوا شريكاً في الحكم؟!
كلها حسابات وهواجس ومخاوف تدور في خلد المواطن، والذي لديه استعداد بأن يخوض حرباً دفاعاً عن البحرين، ولا أن يرى الجماعة الضالة قد وسدت إليه أمانته، فتصبح البحرين غير البحرين التي كانت جزءاً من المنظومة الخليجية التي مازالت فيها دولها كما كانت.