التقرير الذي رقصت عليه «المعارضة» قبل يومين واعتبرته نصراً وصنفته في باب الفضيحة تقرير لا قيمة له؛ هكذا ببساطة. ليس فقط بسبب وجود خلل في الحبكة بالقول إن «الهاكر تمكن من اختراق شبكة إحدى الشركات العالمية المتخصصة في إنتاج تقنيات التجسس التي تزود بها وكالات الاستخبارات العالمية والتي تستخدمها بدورها للتجسس على الناشطين السياسيين في بعض الدول»، ولكن لأن مسألة التجسس على الناشطين مسألة عادية تقوم بها كل دول العالم، بما فيها الدول التي تعتبرها «المعارضة» من الدول التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، فالتجسس أمر مشروع للدول ولولاه لانتهى العالم منذ زمن بعيد.
ليست الدول وحدها التي تمارس عمليات التجسس وإنما حتى المنظمات والأحزاب وكل جهة تعمل في السياسة، ذلك أن ما ينتج من هذه العمليات من معلومات يعتمد عليه في بناء الخطط وحماية الوطن. وكل هذا أمر عادي ومشروع، والدولة التي تقول إنها لا تتجسس على النشطاء السياسيين والحقوقيين إما أنها تكذب أو أنها لا تفهم في إدارة الدول.
ليس هذا فحسب؛ فالحكومة التي لا يتوفر لديها جهاز قادر على الوصول إلى المعلومات ينبغي أن تحاسب من قبل الشعب لأنها من دون تمكنها من الحصول على المعلومات ذات العلاقة بالأمن والاستقرار تكون كالأعمى الذي يتخبط في مشيه. حصول الدولة على معلومات لا يتيسر الحصول عليها بالطرق العادية أمر واجب عليها وليس حقاً لها فقط، وهذا للأسف ما لا يدركه محدثو السياسة، لذا فإنه لا غرابة لو رقصوا على مثل هذا التقرير فقير الحبكة.
الخطأ ليس في التجسس؛ بل في عدم التجسس وعدم التمكن من التوصل إلى المعلومات التي بها يمكن حماية الوطن من الشرور. والتجسس لا يقتصر على المجرمين فقط، بل إن التجسس على النشطاء السياسيين والحقوقيين في هذه الفترة تحديداً من تاريخ وطننا المستهدف أهم من التجسس على غيرهم.
«بحرين ووتش»؛ التي قيل إنها كشفت عما سموه بـ«فضيحة التجسس على نشطاء ومحامين بحرينيين»، لم يحالفها التوفيق، فليس في الأمر فضيحة وليس فيه خبر، بل صارت هي الخبر وهي الفضيحة لأنها لا تعرف أن حصول الدولة على المعلومات في مثل هذه الفترات بشكل خاص حق مكتسب وواجب عليها تجاه شعبها الذي لن يقبل منها الأعذار في حالة حدوث المفاجآت التي تعني عدم تمكنها من الحصول على المعلومات التي تعينها على إعداد ما يستلزم من خطط لحمايته.
مراقبة الذي يستدعي الأمر مراقبته عمل تقوم به كل دول العالم بلا استثناء، ذلك أن من حق كل دولة أن تشعر بالأمان وبأنها لن تضيع في غفلة من الزمن. بالمناسبة التقرير الإخباري الذي رقصوا عليه جاء فيه على لسان أحد الناشطين قوله «إن الناشطين البحرينيين أكثر وعياً وإدراكاً للحفاظ على خصوصياتهم»، هذه الجملة وحدها تكفي لتأكيد حق الدولة في التوصل إلى المعلومات الأمنية والمطالبة بها من قبل الشعب، وهي تأكيد على أن هؤلاء النشطاء يخططون لأمور يمكن أن تضر بالوطن، وإلا لماذا يخشون من توصل الأجهزة المعنية في الدولة إلى المعلومات التي تحتاجها، ولماذا صاروا «أكثر وعياً وإدراكاً للحفاظ على خصوصياتهم»؟!
عدم قيام الأجهزة المعنية في الدولة بواجبها في السعي للتوصل إلى المعلومات التي تعينها على حماية الوطن والدفاع عنه يعطي المواطنين الحق في محاسبتها عبر الجهات المعنية بالمحاسبة، لذا فإن نشر هذا التقرير حتى وإن لم يكن مفبركاً أو مبالغاً فيه لا قيمة له، فالقيمة في ما قامت به وما ينبغي أن تقوم به هذه الأجهزة لحماية الوطن.