هل يعقل أن يجهل شخص يحمل الجنسية البريطانية أن لدولته الثانية «بريطانيا» الحق في «سحب الجنسية» عن البريطانيين المولودين في بريطانيا حتى و إن كان أبواه مولودين في بريطانيا إن اقتضت المصلحة العامة هذا القرار وشكل هذا البريطاني تهديداً على أمن الدولة؟
هل يعقل أن شخصاً بموقعه الإعلامي جاهل بقانون الجنسية البريطانية التي يحملها و مستجداته؟ و لا يعلم أنه أصبح لوزير الداخلية لا للقضاء، الحق دون الرجوع للحكومة ودون الرجوع لمجلس العموم أو اللوردات ودون اللجوء للقضاء و بناء على تقارير أمنية سرية أن يسحب الجنسية من أي بريطاني بناء على سلطاته التقديرية؟
ثم .. هل يعقل أن يجهل البريطاني مثله والحاصل على الدكتوراه حقيقة الواقع المعيشي والحقوقي والإنساني في دولة كالعراق أو سوريا كي يقارنها بالبحرين؟ وهو الذي يفترض أن تحت يده كل مصادر المعلومات وهي معلومات عامة.
سنترك جانباً سؤالاً مشروعاً يطرح نفسه وهو كيف يؤتمن قائد للرأي العام يكتم الشهادة ويخفي المعلومات ويغير من الوقائع؟ وما هي دوافع إخفاء هذه الحقائق؟ ثم سنترك جانباً حقيقة معروفة للجميع أن خطاب الصحيفة التي يكتب فيها حامل الجنسية البريطانية هو خطاب موجه للخارج وليس للبحرين أصلاً، بدليل المصطلحات والتشبيهات التي يطابق بها البحرين مع جنوب أفريقيا والبحرين مع العراق و سوريا والمعتقلين والاضطهاد والأبرهيد وغيرها مما تطرب لها الأذن الأمريكية أو البريطانية فتلك أسباب نعرفها.
إنما الأذن البحرينية تعرف جيداً أن ما يكتب في هذه الصحيفة هو ما كنت تقرؤه قبل عشر سنوات في نشرة كانت تصدر في لندن من قبل تسمى نشرة «حركة أحرار البحرين» و هي نشرة كانت تعمل على التحشيد والتجييش من أجل (الثورة) وتتبنى نهجاً ميكيافيلياً يجيز ويشرع كل وسيلة من أجل الأهداف التحريرية الكبرى، فلم تكن تمانع من إخفاء الحقائق، ولا مانع من تغيير وقائعها، ولا مانع من التضليل، و لا مانع من المبالغة ولا مانع من قلة الموضوعية، في النهاية هذا خطاب ثورة، خطاب تحرير، الغاية فيه كانت تبرر الوسيلة، خطاب يدفع المتلقي لاتخاذ فعل أوعمل شيء لتصحيح واقع فيخرج من داره ليثور و يغير ويحرر، في النهاية هو خطاب ثورة لا خطاب دولة.
إنما الوضع الآن اختلف، أنت شريك في إدارة الدولة لا ثائر، إنك تملك صحيفة كاملة بعدتها وعتادها في هذه الدولة وأنت الذي كنت منفياً وكنت تعمل على (تحريرها) قبل سنوات، ولم يتدخل أحد لفرض كاتب عليك أو فرض رأي عليك لك مطلق الحرية أن تقول ما تشاء دون رقيب، ولك حزب سياسي تؤيده وتنتمي له ويعمل وله مقر وله نشرته الخاصة ووصل عضو فيه إلى نائب لرئيس المجلس النيابي ولديك صوت انتخابي بل تملك أن ترشح نفسك فليس هناك ما يمنعك، في صحيفتك تنشر تقارير الرقابة المالية كأي مواطن بريطاني، ولك مأتمك ومسجدك تمارس فيهما معتقداتك دون تدخل ودون منع، ولك حقوق أخرى ولك دخل ولك نصيب من موارد الدولة في بنية تحتية تزودك بخدمات نوعية تتمتع بها.
هذا عدا عن وضع اجتماعي خاص سمح لك وأنت الذي كنت تعمل على إسقاط النظام أن تدخل وتخرج على قيادات الدولة ومقرب وتستشار فيها، ألم تستوعب بعد أنك أصبحت شريكاً في الحكم بهذه الحقوق؟ الم تستوعب أنك وأنت تتمتع بكل هذه الحقوق والصلاحيات فإن ذلك لكونك بحريني الجنسية وجميع تلك الحقوق والاختصاصات هي رأس مال عام لجميع المواطنين لم تحجب عنك لأنك شيعي أو لأنك كنت ثائراً في يوم ما، هذه الحقوق هي واجبة لكل مواطن وهي رأس مال عام أنت شريك فيه وعينت نفسك قائداً وممثلاً عن كثيرين وثقوا بك للتحدث باسمهم والشراكة في الإدارة تقتضي على أقل تقدير أن تكون أميناً مع من ائتمنك ووثق بك أن تفصح عن مجموع رأس المال الحقيقي للجمعية العمومية لا أن تستأثر به وحدك وتخفيه عن بقية المساهمين، أليس من حقهم أن يعلموا وبالأرقام وبالإحصاءات وبالمقارنة مع الغير ما هي الخدمات وما هو نصيبهم وما هي حقوقهم التي نالوها وما هي التزاماتهم تجاه هذه الحقوق وهي التي لا تختلف عن التزامك بجنسيتك البريطانية البديلة التي من حق وزير الداخلية البريطاني أن يسحبها منك كما أعطاك إياها لو ثبت أنك تهدد أمن بريطانيا أو ثبت أنك تسوق وتروج للإرهاب والإرهابيين وترى أن سحب الجنسية عمل وحشي قاسٍ في حين كم المتفجرات التي كانت ستنفجر في البشر كانت حرية تعبير وحقاً أممياً وإنسانياً.... حقيقة إنك لا تتجمل!