يتطلع الشارع الاقتصادي من تجار ومستثمرين وقطـــاع مصرفي تحديداً إلى الاستماع لرؤيـــة القيادة ورؤية الحكومة وبشيء من التفصيل عمـــا تفكــر به وما تنويه تجاه هـــذه القطاعــات، وهــل لديها خطة وبرامج لإنعاشهــا؟ فهناك وضع حرج لا داعــي لإنكاره ويهدد بغلق وإفلاس وهـروب تلــك الشرائــح وتقليــص نشاطهــا يقابلـــه صمت مطبق مع المعنييـــن بهذه القطاعات.
وسائـل التواصل الموجودة الحاليـــــة بيـــن القيــادة وبين هذه القطاعـــات غير فعالة لتداول هذه «الأزمة» سواء كان ذلك في مجالس (السلام عليكم السلام) أو عبر لقاءات ثنائية تحدث من خلال اجتهادات فردية يقوم بها البعض لأخذ موعد مع المسؤولين، تحل مشكلة خاصة في الغالب ولا تعالج مشكلة عامة، حتى الصحافة والإعلام لا يغطيان حجم الاحتياج وشدته ولا يسمنان ولا يغنيان من جوع ولا يتناسب أداؤهما مع حجم المشكلة.
المؤسف له أن القيادات تذهب لأقاصي الدنيا شرقاً وغرباً لتتحدث لمستثمرين أجانب في دافوس لكنها لم تفكر في دافوس بحريني أو دافوس خليجي تلتقي به القيادة مع هذه الشرائح البحرينية منها والخليجية يسجل من يرغب بالحضور ويفتح الباب لذوي الاختصاص وتتحدث معهم وجهاً لوجه وتتداول معهم الخيارات المتاحة والمعوقات والمبادرات الممكنة لحلحة الخمول والركود الاقتصادي في هذه القطاعات، حتى مجلس التنمية الاقتصادية انكمش دوره كجهة قرار وانكمش معه دوره كجهة اتصال وتواصل وحلقة تجمع بين صاحب القرار والشارع التجاري أو الاستثماري أو المصرفي.
أينما جلست وكان في الجلسة أحد من هذه القطاعات وأنا أتحدث عن الصف الأول منهم مدراء لبنوك وشركات، وأصحاب وكالات تجارية وتجار تجزئة، وأصحاب مصانع، كلهم يشكون الضبابية وعدم وضوح الرؤية، كلهم يتساءلون هل هناك أفق؟ هل هناك رؤية واضحة؟ أين نحن ذاهبون؟ هل القيادة تعرف حجم المشكلة أم أن التقارير التي تصل لها تبسط لها وتهون لها الوضع؟ أسئلة بديهية لا يسأل عنها صغار الموظفين صغار التجار صغار (البنكرز) إنما يسألها الصف الأول منهم فذلك جرس إنذار خطير وكبير وناقوس لابد أن تسمع أعلى سلطات الدولة، أنه دليل على أن صاحب القرار الاقتصادي لا يعرف الوجهة فكيف بالمنفذين؟!
الأوضاع لا تحتاج إلى إبر مخدرة أو اتصال متقطع أو إيكال الأمر إلى الصف الثاني ربما أو الثالث من القيادة مع احترامي للجميع، فتلك رسائل سلبية تزيد الطين بلة وتعقد الأمور، هذه القطاعات تحتاج إلى أن تتحدث إلى أصحاب القرار وليس إلى «سأرجع لكم».
هناك مشاعر إحباط تسود هذه القطاعات لأن الشأن السياسي استقطع من وقتهم ومن الاهتمام بهذه القطاعات، ورغم أن عجلة الاثنين مرتبطتان (سياسة واقتصاداً) إنما آن الأوان إلى أن ينال الاقتصاد وهذه القطاعات تحديداً نصيبهم من الاهتمام.
الأمر يحتاج إلى أن تشمر القيادة عن ذراعها وتجتمع وبشكل يومي مع هذه القطاعات وتستمع برحابة صدر وتنقل بشفافية، فإن كان صدرها قد اتسع لمن طعنها في ظهرها فليتسع صدرها لمن يريد أن يدير عجلة الاقتصاد ويحركها من جديد حتى وإن قال ما لا يسر!.