تخيلوا كم الامتيازات التي كانت تتمتع بها ووظفتها «جماعة الولي الفقيه» طوال السنوات العشر الأخيرة لمشروع دولتهم التي تمددها خارج إطار «الدولة».
اليوم فقط وبعد اثني عشر عاماً من تصويتنا على ميثاق «الدولة» تقر البحرين قانوناً يضع ضوابط جمع المال لأغراض دينية، وإن شئنا أن نتكلم بصراحة، لولا أن الحرب على الإرهاب تقتضي ذلك التشريع وذلك التنظيم لما تجرأت الدولة ووضعت هذا التشريع بقلب قوي.
بهكذا تردد ولا حسم و محاولة استرضاء تركت الجماعة كي تتمدد خارج إطار الدولة والقانون لاثني عشر عاماً، فأصبح لديها مجلس (تشريعي) لا يخضع لضوابط الدولة، يجمع الأموال خارج إطار الدولة، و له ميليشيات مسلحة خارج إطار الدولة وحزب يجتمع وينتخب أعضاءه خارج إطار الدولة، ويلتقي بحكومات أجنبية ويعقد الصفقات خارج إطار الدولة، ثم جاؤوا بفكرة (امتدادات القرى) ليحددوا مقاطعاتهم ويعزلوها عن بقية البحرين، حتى هدد بالأمس مفكرهم الإعلامي بالانفصال عن الدولة مثلما فكرت أسكتلندا!
حاولت الدولة احتواء هذه الجماعة في الدولة بمنهج (المؤلفة قلوبهم)، امتيازات وإعفاءات وعلاقات اجتماعية وزيارات و(توجيب) وتقبيل على الرأس على أساس تطمين وتهدئة النفوس، فلا غالب ولا مغلوب في الدخول ضمن إطار الدولة، إنما كل تلك الوسائل لم تفلح فالأجندة والعقيدة والمشروع والفكر يقتضي أن تبقى هذه الجماعة خارج إطار الدولة ما استطاعت.
اليوم فقط رأت الدولة ما كنا نراه منذ اليوم الأول، اليوم فقط تبدأ الدولة من جديد عن طريق القانون بإعادة الجماعة لوضعها الصحيح أي ضمن إطار الدولة مع الجميع بلا استثناء وبلا إعفاء، بالقانون وليس بالاسترضاء، ونتمنى أن تصمد الدولة هذه المرة ولا ترتخي وتعود لسياسة الاسترضاء فلم يعودوا من المؤلفة قلوبهم، الكل سواسية أمام القانون.
الدعوة للانتخابات وعرض نقاط التوافق على المؤسسة التشريعية خطوة، والحزم الأمني مع المخالفين للقانون خطوة، والالتزام بالأحكام القضائية وعدم العفو عمن صدرت بحقهم الأحكام خطوة، وفض المجلس العلمائي بالقانون خطوة، وإلزام الوفاق بتسوية أوضاعها القانونية خطوة، وقانون جمع الأموال خطوة، ومازال الدرب طويلاً لعودة «الجماعة» إلى الإطار القانوني للدولة، أما أي مكسب خارج إطار السلطة التشريعية فهو خطوة إلى الوراء لا إلى الأمام.
فدربك طويل، أنت تحتاج لتفكيك الكانتونات المغلقة ليس أمنياً فقط بل ديمغرافياً أي توزيعاً سكانياً وثقافياً واجتماعياً حتى تفكك مقاطعات «تحكم» فيها المرجعيات الدينية مناطق سكنية مغلقة، الداخل فيها مفقود والخارج منها مولود مناطق مظلمة كئيبة جدرانها سوداء وإسفلتها محروق وبناؤها عشوائي حتى توصيلاتها الكهربائية عشوائية، كم من سكان هذه المناطق لهم منزلان هرباً من قيود تلك المرجعيات وسلطاتها.
الدولة أخطأت كثيراً وتأخرت كثيراً ببسط إطارها القانوني حتى تمددت المرجعيات الدينية وأنشأت دولة داخل دولة، وها هي اليوم تدفع الثمن وتعالج داءً ما كان يجب أن يترك حتى يتفاقم إلى حد التهديد بالانفصال كأسكتلندا في بلد هي (فريج) في أسكتلندا.. إنما تضخم الذات داء شفانا الله وإياكم منه، حتى تطبيق القانون استعلاء واستهداف واضطهاد، فهم اعتادوا أن يطبق القانون على الآخرين أما هم فخارج نطاقه.
الضغط الشعبي لا بد أن يستمر على الدولة من أجل إعادة الاعتبار لإطارها القانوني ومؤسساتها، الضغط الشعبي لابد أن يستمر مؤازراً كل خطوة في اتجاه دعم القانون ودعم المؤسسات، لابد من إعادة الاعتبار للمواطن الإنسان البحريني بغض النظر عن عقيدته، واستهداف استرضائه مباشرة وإحالة كل «الوسطاء» إلى التقاعد.